قهوة أوبامه
أبو تركي – 14\03\2009
إن كنت تظن أيها القارئ بان من أدلى بدلوه قد ولى فـأنت مخطئ، فنحن لسنا بأوباميي
الهوى ولا المنى، فبعد المسافات يحكم علينا، ذلك وإن كنا نعيش زمن السرعة، لكن ما
من سرعة توصلنا إلى ذاك الحد وذاك المكان،
ولكي نبقى في سياق الحديث اسمحوا لي أن نعود بالذاكرة للأمراء السبعة أصدقاء داوود
الجولاني، فهو من نظر لهم واستبق قدومهم، فقدموا بعد أن اجتازوا جسر بناة يعقوب،
ليس من أجلهم لكنهم قدموا عبرة.
وبالعودة للدلو فهو برج العظماء، أولئك الذين غيروا مجرى التاريخ ومعالمه عبر
شخصيات قدر لها أن تعيش في مكان ما وزمان ما لتحدث التغير، فأي تغير؟ فدلوهم غير
دلونا ودلالاتهم دلالاتنا، فليس بين الأمراء من يشير إلى تلك المعجزة، فنحن قوم
نحاكي القشور ولا شيء سوى القشور، فأمراؤنا عابري ذلك الجسر الذي بناه يعقوب منذ
عابر الأزمان انتخبوا أو عينوا مليكا. فالحق يقال، فإن كان المعيار والفرق هو
الجمال، فهو الأجمل، وإن كان الطول فهو الأطول، وإن كان العلم فهو مربي الأجيال
سابقا. وإن كنا نقيس الأمور بالمتغيرات، فلا شيء سوى بعض الأشجار التي لم يقدّر لها
أن تعيش، فالشعوب تزرع الأشجار ونحن نقطعها. وإن كان الأـمراء السابقون ومليكهم قد
عبدوا الشوارع مرارا وتكرار، فمليكنا مثلهم يخرب الشوارع ليعبدها ثانية، فهو حامل
شعار التغير في الطبقات. أما المدارس فالحمد لله، فلا تغير لأن فيها أناس أحياء،
فهو يحاكي الجماد لا الأحياء...
وبالرغم من كل هذا وذاك، فالتغير موجود وعلينا إيجاده.. بحثت وبحثت، قلبت جوانب
حياتنا شرقا فلم أجد ما يشفي الغليل، فالروضات بمعلماتها ومساعداتهم ما زالوا كما
كانوا. بحثت شمالا فرأيت الحفر بالشوارع على حالها. ذهبت غربا لعله يخبئ شيئا غير
الغروب، فلم أجد سوى رصيف لمدرسة ازداد عرضا على حساب شارع بات مكتظا بالسيارات
يهدد حياة الأولاد.
وما دمنا نحب الجنوب، على حد قول المطربة اللبنانية جوليا بطرس - يا حبيبي يا جنوب
- فلم أجد حاله بغير حال إخوته، فاحترت وحار حالي، حتى اخبرني أحد الأصدقاء عن كوب
من القهوة سكب له داخل (العرين)، فمنع من شربه لان التغير على ما يبدو بات بكوب من
الشاي والقهوة، فهو محط الأنظار لا من يعبث بالأقدار، فيا ربي يا ستار ارحم عبدا
محتارا آمن بالتغير معياراً فوجد نفسه مختاراً.
ولو كان لهذا الكرسي من مكانة اجتماعية في مجتمعنا هذا لما رأينا لا المليك ولا
الأمراء...