لتاء التأنيث الصامتة - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


لتاء التأنيث الصامتة
حسام عباس
22-4-2009

هناك، عندَ منعطفِ الوريد المتسكع بالأكسجين
تنهدتْ حروفُ الجزم في سعالي
كقيثارةٍ ثكلى اتكأتْ على قمرٍ لم يأتِ
لمدارسِ الحقوقِ في غزة...
هناك، عندَ التئام الحُلم في أزقةِ الحب والحنين
تلعثمتْ غريزة الصمتِ في شهوةِ الصراخ
كجنازةٍ للبرتقالِ الحزين في مبنى هيئة الأمم المتحدة.
هناك، عندَ شُرفةٍ لم تصلها ثُلوجُ صدرِها العتيق بعد
توقفتْ عربةُ النقل كأرملةٍ بدوية
تجمعُ أشلاءَ اللغة من خاصرةِ امرأةٍ قد رحلتْ..
هناك، عندَ نافذةٍ للحب سراً وللقتلِ علناً
تمدَّد ظلُ النثرِ في ملحمةِ قصيدةٍ نرجسيه
كرغبة الاستقرار لنصفِ عاشقةٍ
لم تتركْ غير اسمها الكامل صُدفةً.

*****

لتاء التأنيث الصامتة في بلادِ الشرق
لبندقيةِ وردٍ ضائعة في سفاراتِ العاشقين
كان اسمُها حاضراً كسحابةِ البنِّ فوقَ خارطةِ الطريق.
لبداياتِ الخريف في دمشق ولزندقةِ الذاكرةِ في آلةِ التصويرِ
لتفاصيلِ السُكر الأزرق وابتكاراتِ الندى الطيب الأصيل
كان اسمُها جائعاً كقانونِ الطوارئِ في عاصمةِ الذكورِ.
لرائحةِ النعناعِ الأسمرِ في قطاراتِ الفرحِ المؤجل
لأغنياتِ الخبزِ والفجرِ المحروقَيْن بالفوسفورِ الأبيض
كان اسمُها عالقاً على حبلِ غسيلٍ ينتظرُ موعداً آخراً للنزيف.
وما كان اسمُها إلا مدينةَ بنفسجٍ قد غرقتْ في كوبٍ من النبيذ.

*****
لا بدَّ من كأسٍ آخر كي نحتفلَ بالرحيل
وهل تسمحين بقليلٍ من اللازوردِ المرصعِ على زجاجةِ القيامة؟
لَعَلَّهُ كأسٌ آخر لإشاراتِ المرور المعطلةِ قسراً.
وهل تذكرين لفظ اسمي كقوسِ قزحٍ اختبئ سراً في لُعابِ فمكِ؟...
كأنَّهُ كأسٌ آخر لنكبةِ العربِ في جبالِ الطحين.
وهل لي أن استعيدَ صباح قوميتي المجنونة من دورتكِ الدموية...؟
لَيْتَهُ كأسٌ آخر لصاحبِ النفس العظيمة* في أحزان آسيا.
وهل لدماءِ الياسمين في رئتيكِ أن تأخذَ بثأرِ فلسفة اللاعنف من هندوسيٍ متعصب؟...
إنَّهُ كأسٌ آخر لمُستوطنةِ هذيانٍ قد رسمتْ على شفتيكِ حقدَ الوداع الملطخ بالبقاء.
و"من سوء حظ المسافر" كان كأسٌ أخير لسبابةٍ شاردة قد طُويت على إيقاعِ التطبيع
كهزيمةِ العنَبِ العربي المؤجر للتخمير في منتجعِ كامب ديفيد
أو كهزيمة الحبر السري النظيف في جاسوسية الحب النبيل.

فلا بدَّ أنْ نحتفلَ بالهزائم إذن
....وما من نشيدٍ آخر لمجزرة الرحيل

--------------------
* صاحب النفس العظيمة_ إشارة للمهاتما غاندي