ناموا قريري العين
مسعود الجولاني - 11\07\2009
في صباح يعج بالحشود والاهازيج,كنت ما أزال نائما على سريري الذي تكمش بي وكأنه على
غير حالي –يعي كل ما يحدث خارجا,فلا يريدني أن أغادر لأشارك بما لا يرضيه.
نهضت على غير عادتي,أزحت الستائر ناظرا عبر نافذتي الصغيرة فلمحت سرا مختبئا وراء
بسمة الصباح المتذاكية,حيث كانت الآثار الواضحة على الشارع شهادة صريحة بمرور
جماهير مزدحمة مبتهجة.
وبدافع من الفضول وبمشاعر مختلطة, سرت على أعقاب الموكب المحتفل,فحينا فرحت بحبات
الأرز المتناثرة ووريقات الورود المتطايرة- وكأنها رميت على شرفي,وطورا كانت رهبة
الوحدة البغيظة تخيفني- وكأنه عقاب رباني لتخلفي عن قومي.
سرت بخطوات صغيرة مترقبة ورحت أفكر بأمر هذا الاحتفال الذي ذكرني ببهجة شعب تحرر من
العبودية أو ربما عزة أمة ربحت في حرب عالمية أو لعله يشبه احتفال دولة استحقت شرف
استضافة الالعاب الأولومبية,ولكن...ليس هذا حالنا.
ما عساها تكون مناسبة هذه الفرحة العارمة؟فاليوم ليس من أيام الاحتفال والتظاهر
المتفق عليها,وهذه ليست بصلاة الاستسقاء وقد فقدنا الأمل بهطول المطر منذ فترة
طويلة...
لقد تملكني الفضول وراح يعبث بي فصارت خطواتي تتسع وتتسع الى أن بدأت أسمع حداء
الشباب وزغاريد النسوة,وبعد لحظات معدودة,أقبلت على ذلك الموكب المهيب وقد احتشد
الجميع أمام قصر الزعيم المعظم الذي كنا قد احتفلنا بزواجه منذ حين...وما أن اقتربت
حتى باشرت بمشاركة من سبقوني بالأغاني والدبكة رغم أنني ما زلت أجهل المناسبة
والأسباب ولكنني أريد على الأقل أن لا أكون شاذا بين قومي.
وفي غمرة نشوة الفرحة ,أطل الزعيم الأوحد عبر الشرفة المزركشة...أطل وعلى محياه
أنفة القادر ورفعة الكبرياء,وصاح قائلا:"هنيئا لكم أيها القوم,لتسعد قلوبكم ولتطمئن
عقولكم,لا خوف عليكم بعد الآن...لقد زفت الينا آلهة السماء أسعد البشائر وأطيب
المنى,ان سيدتكم الأولى-حرمي المصون... حامل...حامل بولي العهد المنتظر الذي سيحمل
الراية من بعدي...يا لحب السماء لكم ولعطفها عليكم.ولكن أطلب منكم الآن المغادرة
لأن هذا الضجيج قد يقض مضجع وريثي القادم مما قد ينغص عليكم مستقبلا مشرقا
بالانتظار."
وبلمح البصر... انسحبت الحشود وأنا من بينهم ,وكان بجانبي شاب متحمس يتصبب العرق من
جبينه ويسير وهو مغمض العينين وكان يتمتم قائلا:"لا بد أن تحديات الأمة وخطورة
الوضع سيدفعانه للقدوم بالشهر السابع لا محالة ...آه من عبء الاحساس بالمسؤولية.