المحافظة على الانجازات الوطنية
سميح أيوب – 14\07\2009
أحيي الرفيق سيطان على طرح بعض الأمور المتعلقة بواقع الجولان الذي نسعى جميعا
للحفاظ على إنجازاته وصون كرامته وانتمائه.
إن النقد والتحليل أحيانا ليس فقط نقل الحكاية لتتناقلها الأجيال، إنما تكون اكتشاف
دواء للسقم. وحبذا لو كان هناك مناظرات ونقاشات بين أبناء المجتمع الواحد، وبصورة
ديمقراطية، لتدلي كل فئة ومن جميع ألوان الطيف السياسي والاجتماعي بدلوها، وشرح
أهداف ربما تكون غامضة للشريحة الكبرى من المجتمع، وأولئك اللا مبالين أو التيار
المتسلق سلم الوطنية لأهداف ذاتية لشخصنة النضال وانتهازية للموقف.
لقد أثبت التاريخ بأن أساليب النضال تتغير حسب الواقع ومتطلبات الجماهير قبل
متطلبات المرحلة. ولو عدنا لمرحلة النضال ما قبل الإضراب الشهير فنجد أن رواد العمل
الوطني كانوا السباقين لإعلان الولاء والانتماء لخدمة الوطن، بمشاعر الصدق والتضحية
في سبيل المبدأ، والاستعداد لدفع الثمن باهظا من دماء أو سجون.
أعتقد أن مرحلة الإضراب كانت قفزة نوعيه عمل رواد العمل الوطني لتحويلها إلى نضال
جماهيري يشارك بها أبناء المجتمع عامة. ولكن يجب أن نقر بخلط الأوراق والثوابت
لتظهر على الساحة الوطنية وجوه تتبوأ الصفوف الأولى كانت بالأمس غافية، هذا على
صعيد الجيل المتقدم، أما على صعيد جيل الشباب فقد ظهرت فئات من الشباب المتحمس أخذت
على عاتقها استمرارية المسيرة النضالية وخلق أحداث تكون بمثابة مدرسة وطنية تنقل
الماضي للأجيال، فمن لا تاريخ له لا مستقبلا له. فوجدت التعددية والتناقضات. منهم
من عاش على الشعارات والتحيات ومنهم من بدأ يجتهد لإيجاد مؤسسات بديلة مدركاً أهمية
متطلبات المجتمع في ظروف الاحتلال من احتياجات خدماتيه... صحية، ثقافية، زراعية،
ورياضية، لتعزيز الصمود واستمرارية النضال.
وهناك شخصيات وطنية أخذت مسؤولية بناء المؤسسات على عاتقها وبدأت التعامل بجميع
نواحي الحياة - بحوث ...ارشفه.. تواصل.. سياسة.. وأبدعت في خدمة الفرد، وإذ ما خرجت
اعمالها باسم جماهير الجولان كنوع من التواضع فقد رأى آخرون مبالغة واحتكار للعمل
الوطني كما احتكرت فئة أخرى العلاقة مع الوطن. وكل منهما يحاكي واقع سبب بعض
الانتقادات الاجتماعية.
ظهرت على الساحة الأندية الرياضية باتحادها الملتزم، ورابطة الجامعيين بدعم جماهيري
نقصتها التجربة والإمكانيات لبناء مركز ثقافي. وتأسست الجمعية العربية للتطوير
عاملة على خدمة الإنسان المنسي طوال سنوات الاحتلال، والحد من عذابات المجتمع صحياً،
تبعتها قاسيون. أما على الصعيد الثقافي والفني تشكل فاتح المدرس وتواصل وغيرها من
المؤسسات التي حوت نسيجا اجتماعيا واحدا تعدى مجال التخصصية ومارس العمل السياسي
والاجتماعي. ووجد على الساحة تيار أطلق عليه اسم الموالاة... شباب متجدد النشاط
وطني المبدأ محب العطاء أخذ ثقافته من مدارس الثورة ونقصته التجربة بأنواعها فاختار
التواصل والشعار.
كان باستطاعتنا دمج العمل ووحدته ما دام يصب في مصلحة الفرد والسكان للحفاظ على
انجازاتنا ومسيرتنا الوطنية. لكن الداء أتى عبر تشرذم سببته الانتهازية والوصولية
تحت اسم الغاية تبرر وسيله من بعض الفئات المدعومة من الوطن. كل هذا كان صراع داخلي
استطعنا التغلب عليه لأننا في خندق نضال واحد ونقارع عدو واحد ونعمل لهدف واحد
وانتماء واحد.
إنني لا أرى في الجولان معارضة للوطن أو القومية، إنما هناك ولاء مطلق من الجميع،
ولكن أن يكون الولاء لشخصية مسؤولة عن ملف الجولان تعمل بمزاجيه، وتتبدل الشخصيات
وتبقى المزاجية نفسها، حيث تم التعامل مع ملف الجولان بفردية مطلقة بعيدة عن مركزية
الدولة والجهات العليا، فهذا كان بمثابة القشة التي قصمت تقدم العمل الوطني وخلقت
الانشقاق السياسي ولاجتماعي عبر أشكاله، فكان انعكاسه سلبا على الجماهير والواقع.
ومن الأسباب التي دعمت هذا الانشقاق:
أولا: عبث فئة في الوطن في ملف الجولان المحصور في المحافظة فقط.
ثانيا :خلق فئة لم تكن من رواد العمل الوطني كمرجعية تتعامل مع الوطن لمصلحة فردية.
ثالثا: مصادرة القرار الوطني في الجولان عبر إملاءات من الخارج.
رابعا: انتهازية بعض الجولانيين اللذين تسلقوا سلم الوطنية بعد مؤتمر مدريد.
خامسا: انتقاص حق الجولان المحتل من مستحقات محافظة القنيطرة - اقتصادية...سياسية...
اجتماعية... ورياضية...
سادسا: حصر التواصل بالمناسبات الوطنية فقط وعبر افراد.
سابعا: تمييز بين الأفراد كسياسيين ... معلمين ...سجناء سابقين.
ثامنا: عدم توحيد القرار عبر الاملاءات التي تصلنا وبشتى السبل.
وهناك العديد من الأسباب الأخرى حيث ما ذكر هو جزء يسير ولكنه هام ويشكل الداء الذي
نخر عظم الوحدة الوطنية. ولكن قبل أن نصل غلى انتكاسة وطنية واجتماعية، ولاستمرارية
العمل والحفاظ على انجازاتنا وكرامتنا، يجب العمل على ما يلي:
أولا: الحوار بين جميع التيارات الوطنية في الجولان، وإتمام المصالحة تحت عنوان
مصلحة الجولان فوق كل شيء.
ثانيا: التخلي عن الانتهازية وتشكيل لجنة مخلصة تتمتع بضمير نقي تكون ناطقة باسم
الجولان ومرجعية للوطن.
ثالثا: الحفاظ على قرارنا الداخلي الذي كان سبب نجاحنا وصاحب البيت أدرى بما فيه.
رابعا: تشكيل وزاره سورية تعنى بشؤون الأرض المحتلة يرأسها مسؤولين على أعلى
المستويات وصلتها مع لجنة الجولان.
خامسا: خلق آليه للتواصل مع الوطن عبر التنقل بين الجزء المحتل والوطن فقط عبر
المحافل الدولية والجمعيات الانسانية، وخلق برنامج اعتصام على معبر القنيطرة بشكل
دوري وبمشاركه دولية.
سادسا: فرز مستحقات الجولان من ميزانية المحافظه لإقامت مشاريع ودعم الصمود.
سابعا: دعم الفعاليات الوطنية والعمال والمزارعين بشتى الطرق المجالات.
ثامنا:تشكيل لجنة للتعامل مع طلابنا الدارسين في الجامعات السورية لمتابعة ظروفهم
المعيشية والدراسية.
تاسعا: إقامة مشاريع استثمارية مدعومة وطنيا وعبر هيئات دولية... مستشفى، مركز
ثقافي جماهيري.. ملاعب... مصانع وغيرها...
عاشرا: دعم الاتحاد الرياضي والفرق الجولانية اقتصاديا وإعلاميا، وخلق وسيلة تواصل
معهم، ودعم السجناء وعائلاتهم بصرف مستحقات وتكريم الشهداء.
هناك العديد من النقاط والقضايا العالقة التي يجب أن تكون الدواء لشعب ولد من رحم
أمة عريقة يتمته حرب مجنونة لكنه لم ينسَ الانتماء، فانطلق من قوقعة الظلم والمأساة
ماردا جبارا يحمي هذه الأرض ويذود عن ثراها.
ربما تكون صرخة جولانية تستصرخ الضمير وتشرح معاناة الإنسان المتشبث بأرضه ووطنه،
فهل سيصل صداها لآذان صاغية؟ وهل سيقرأ الجولاني الحر الكلمات ويضع النقاط على
حروفها؟ لتلمنا المحبة وتجمعنا الوحدة.
لمستقبل أبنائنا علنا نبقى في القمة إلى الأبد كالنسور.