لك سيدتي
زرقاء اليمامة – 23\07\2009
كانت الموسيقى صاخبة وقد لفت المكان سحابة من دخان السجائر... فالجموع غفيرة ولا
تستطيع أن ترى إلا من هو جالس حولك... فكل فرد منغمس إما بتناول الطعام وإما
باحتساء الشراب... فتسمع صوت قهقة هنا وأغاني هناك كل ينشّز على هواه... وهناك على
إحدى الطاولات زوجان قد اختلفا. وفي الزاوية الأخرى عاشقان يسترقا النظرات! وهنا
وهناك فوضى عارمة تملئ المكان.
جلست أحدق في الوجوه. لم أبرح مكاني، علني أستطيع أن أنسجم مع هذه الأجواء. راحت
عيوني تسبح في فضاء المكان الواسع ترقب الوجوه والتحركات.. وفجأة ومن بين مئات
الأعناق والرؤوس رأيتها.. لقد كانت جالسة بهدوء وقد لفت ساقا على ساق! تمسك بيدها
كأساً من النبيذ، تداعبه تارة بين أناملها وتارة تاخذه لترشف منة رشفة، فبعد ان
يلامس قدح النبيذ شفاهها تعيده إلى مكانه بين الأنامل لتعاود مداعبته!!! وخلال ذلك
تقوم شفتها السفلى من فمها الجميل بملامسة شقيقتها العليا لتمسح عنها ما تبقى من
نبيذ. وعلى جانب الكأس من الخارج تتدلى قطرة من النبيذ لم يحالفها الحظ بملامسة
الشفاه! لتسقط على غطاء الطاولة فتترك بصمة كبصمات قلب يقطر دما.
كم تمنيت أن أكون قدح النبيذ، أو حتى قطرة منه، فإن حالفني الحظ لامست الشفاه، وإن
لم يحالفني فقد داعبتني الأنامل.
جلست أحدق بها علها تراني.. ولكن لا.. لا أريدها أن تراني فهي ربما تعرفني وربما لا؟
عرفتها وهي يافعة ولكن كلما مر بها الزمن ازدادت سحراً ورقة وجمالا، فهي تشبه م
تحتسيه من نبيذ وطول الزمن يزيد من لذته وروعته.
لا زالت جالسة هناك مكانها، تبتسم تارة وتتيه بنظرها تارة أخرى، وأنا أتساءل عما
تبحث ولمن توزع ابتسامتها الرائعة؟ أم قد أصابها ما أصابني من حيرة؟ ولكن لم تمض
إلا لحظات حتى وقفت وتقدمت باتجاه الجانب الذي كنت أجلس فيه.. ها هي آتية من بعيد
ماذا أفعل؟
علت وجنتي حمرة. أومأت برأسي إلى الأرض قليلا كي لا تلحظني، همست بنفسي هل ذاك
حقيقة أم هو وهم من نسج خيالي؟ لا إنها حقيقة.. إنها هي.. نعم هي.. ورويدا رويدا
شهقت وتنفست ما تيسر من الدخان الكثيف. إنها هي. بل هي. أمعنت النظر إليها وهي
تتقدم بخطوات واثقة وثابتة باتجاه ساحة الرقص، تتمايل بثوبها اللازوردي الأزرق، وقد
كشف القليل من مفاتن جسدها الجميل... فشعرها الأسود قد انسدلت خصلاته على كتفيها
ووجنتيها لتصنع لوحة جميلة اجتمعت فيها كل ألوان الطيف!!! العيون الزرق بحراً هادء
تعلوها خناجر مجدلية ورموش كأنها جنود اصطفت على الشواطئ لتحميه! أنف انسيابي
متناسق الجمال.. وفم وشفاه كأني بها وردة مبتلة حمراء من لحم ودم!! مشرئبة العنق..
نهدين نافرين كأنهما الرمان في أوج موسمه!! قوام فارع!! وأرداف تميل تارة يمينا
وتارة يساراً... وساقان اجتمعت فيهما هما بياض ثلوج الشيخ ونعومة ورود نيسان... وما
أن وصلت إلى الساحة حتى أخذت تتراقص على أنغام الموسيقى.. هي تتراقص هناك وقلبي
يتراقص في جوفي هنا، وكأنه ناقوس في جرس كنيسة يدقه راهب في يوم الأحد ليعلن قيامة
المسيح من جديد... تاه بي الخيال.. تمنيت أن أراقصها لأجعل يميني بيمينها ويساري
تلف وسطها، فأشدها نحوي لأسمع نبض عروقها واشتم رائحة شعرها وأتيه بسكر وأخمر ..وأخمر!!!
طاغية الأنوثة هي... رائعة الجمال هي..غنية بروحها لطيفة بحديثها.. مغرية بكل ما
فيها.. وأعود وأسال هل لي أن ألتقيها؟؟؟