من فقد أخلاقه
الاجتماعية.. فقد أخلاقه الوطنية
سميح أيوب –
12\08\2009
أيها الإخوة في الجولان الحبيب، إلى متى ستبقى أهداف الحسد وتقزيم الآخر تسود
مجتمعنا، ونفث السموم وسيلة قاتلة تشدنا إلى الخلف عاملة على إنهاء السباق إلى
القمة المنشودة والحفاظ على ثوابتنا الوطنية وانجازات رواد الحركة الوطنية، اللذين
منهم من قضى نحبه تاركا لنا أمانة الاستمرارية على خطاه، ومنهم من زال حيا تقتله
وتؤلمه ما آلت إلية الظروف من تشرذم وخلافات على ساحتنا الجولانية، لغاية في نفس
يعقوب أو أكاذيب إخوة يوسف لتمرير غاية الأنا عبر كتابات غير مسؤولة، وربما تكون
مغرضة. هل وصل بكم الحقد والحسد أيها المعلقون الأشاوس لان تكسو أعينكم غشاوة العمى
فلا ترون من الألوان سوى الأسود أو الأبيض؟ وهل أصبحت المآثر الشخصية فوق المصلحة
الوطنية التي يجب أن تكون فوق أي ذاتية أو أنانية؟ ألا توجد فسحة على ساحتنا للحب
والتآخي والعمل المشترك، ما دام هذا يخدم المصلحة العامة للنضال؟ إلى متى سنبقى
كبارا في عين الآخرين وأقزاما في عيون بعضنا البعض؟ أليس من المعيب أن يشهد لنا
الشيخ والمطران والسياسي والشاعر ممن شاركوا في الندوة بأننا مدرسة في النضال ومثال
يحتذى في وحدة الصف والصمود، ونحسد على موقفنا المشرف في التعاضد والتآخي ونكران
الذات اتجاه العام، وهنا شلة من أبناء المجتمع إخوة الكفاح ورفاق الدرب وأصحاب
الهدف الواحد يهاجم أحدنا الآخر؟ هل نسيتم أن تواصل هم أبناء قاسيون ورفاق دربهم،
وأن قاسيون مؤسسة وطنية تعمل من أجل سعادة الإنسان من أبناء العائلة الجولانية
الكريمة، وأن جميع النوادي والمؤسسات وألوان الطيف السياسي هم إخوة في النضال؟ لقد
كانت الندوة عبارة عن التسامح بين الأديان عبر طيبة المشاركين وندائهم للتآخي ونبذ
العنف الطائفي، ونحن لا يوجد لدينا فسحة للتآخي ونبذ الأهداف الهدامة من قبل البعض.
فمن لديه جميل ويرى الوجود جميلا ليدلي بفكرة، ومن لديه سوداوية الفكر والعيون
فليحفظ ذلك لنفسه. لقد كانت ندوة قيمة تخللتها الصراحة وطيبة الإنسان الذي يحمل
هموم شعبه، وكل منهم يرى الحل عبر منظاره الخاص وأهدافه الدينية أو السياسية، ولكن
الجميع متفق على المحبة ونبذ العنف الطائفي. أنا شخصيا لا أتفق مع المطران بان
الدين هو المدخل إلى القومية، ولا أتفق مع الشيخ أو القاضي بأن التربية هي الدواء،
وربما لا اتفق مع السياسي إذا ما رأى الحل عبر القومية، إنما اتفق مع من ينادي
بعلمانية الدولة وثقافة الشعوب عبر المحبة والسلم الطائفي وحرية التعبير الديني،
وليس الأصولية الهدامة. فيجب أن تتساوى واجبات الفرد اتجاه المجتمع مع واجبات
المجتمع اتجاه الفرد. وأن يعمل كلاهما على صون الحضارة والتاريخ وتقدم البشرية، لما
فيه خير لمصلحة المجتمع والتقدم لمصلحة وسعادة مستقبل الأجيال. فلا فضل لعربي على
أعجمي إلا بالتقوى، والدين لله والوطن للجميع، ولنا من التاريخ عبرة.
وكلمة حق يجب أن تقال، ليعرف من يجهل تاريخ الأجداد في الجولان، بان الجولان كان
أيضا نموذجا للطيبة والعيش المشترك عبر عقود وربما قرون بين أديان عاشت في قرية
واحدة، في بيت بجانب الآخر، عبر الاحترام المتبادل وحرية العبادة، وتبادل التهاني
في المناسبات الدينية، ومؤازرة بعضهم في الشدائد، ومشاركة كل منهم الآخر في الأفراح
والأتراح. ولنا من مجدل شمس وعين قنية عبرة، حيث الحياة المشتركة بين الطوائف. ولنا
من تاريخ أجدادنا عبرة بعلاقتهم مع جيرانهم من القرى الأخرى، والتي جسدوا بها
إنسانيتهم في التعامل والاحترام، مع التحفظ عن بعض المناوشات الفردية والتي كان
سببها تعدي على أراضي أو أهداف سياسية زرعت بذور فتنتها حكومات - كما حصل بـ "شر
المنصورة"، ولكنها لم تكن طائفية.
وأخيراً أتساءل: ماذا تغير في الزمن وماذا غيرنا ونحن أبناء المجتمع الواحد؟ هل كان
أجدادنا أطيب وأعقل منا؟ وهل كان آباؤنا وإخوتنا من رواد الحركة الوطنية لغاية
ثمانينات القرن الماضي حكماء أكثر منا اليوم؟ هل علمتنا الأيام والسياسة الحقد؟ ألا
تعتقدون بأن التنافس مشروع، ولكن ضمن حدود الأخلاق والاحترام المتبادل. فالحكمة
والتروي والمحبة والحفاظ على ثوابتنا الوطنية هي
أوسمة شرفنا وكرامتنا، وأخلاقنا الاجتماعية هي هدفنا السامي الذي يجب أن نحافظ عليه،
فمن فقد أخلاقة الاجتماعية.. فقد أخلاقه الوطنية.