فوضى
الأحاسيس والأسئلة
زرقاء اليمامة - 22\08\2009
أتساءل هنا، أهو إحساس بشع، عندما تهبهم كل مساحات الثقة، وتمنحهم كل الأراضي
الخضراء التي بداخلك، وتضع باقتك الحمراء عند بابهم، وتسهر لتقرأ أخبارهم فوق جبين
القمر، ثم تكتشف أنهم وضعوا اسمك في قائمة أغبياء بلا حدود!!!
وأن تبوح بسرك لصديقك المقرب وتوصيه بأن يسجنه في قفص صدره، وتشرح له أهمية
المحافظة على الأمانة، وتنام مطمئناً متحرراً من همك وسرك، ثم تستيقظ في الصباح على
صوت أسرارك ينطلق كالأغنية من أفواه الآخرين!!! أليس هذا بإحساس مزعج؟؟؟
أن تختار أرضاً طيبة وتغرس فيها بذور النجاح وتسقيها بماء عينيك، وتسهر عليها
بإصرار وإرادة، وتمنحها من وقتك وصحتك الكثير، ثم لا تحصد غلا الفشل بانواعه..
فالإحساس هنا لا بد أن يكون مرهقاً...
أن تقف أمام الغرفة الزجاجية، تنظر إلى عزيز يتوسد جراحه. تحصي دقات قلبه وتنتظر
قرار الحياة به.. فهي إما بداية تمنحك الفرح، أونهاية تصيبك بالذهول.. وعندها ربما
اجتاحك إحساس مرعب...
إنه إحساس مؤلم، أن يعيشوا بك كالدم ويلتصقوا بك كأظافر يديك، وتكون لهم كالواحة
المريحة، ويكونوا لك كالوطن الجميل، ثم تغادرهم كالغريب...
أن تفتح لهم بيتك وبوابة أحلامك، وتطعمهم حبيبات صدقك، وتمنحهم ثقتك بلا حدود.. ثم
تستيقظ على نيران الجحود التي أشعلوها فيك.. وخلفوك كالوطن المهجور.. إنه إحساس
مؤسف...
إنه لإحساس مخيف جداً، عندما تكتشف موت لسانك عند حاجتك للكلام.. وتكتشف موت قلبك
عند حاجتك للحب والحياة.. وتكتشف جفاف عينيك عند حاجتك للبكاء.. وتكتشف انك وحدك
كأغصان الخريف عند حاجتك للآخرين...
أن تقف فوق قبر إنسان تحبه كثيراً، وقد كان يعني لك الكثير، ثم تحدثه.. تحاوره..
تصف له طعم الحياة في غيابه، ولون الأيام بعد رحيله، وتجهش بالبكاء كطفل رضيع، بكاء
مرير من أعماق أعماقك، حين تتذكر انه ما عاد هنا، بيننا، فربما عندها الإحساس لا
يوصف...
إحساس مقزز.. عندما تنهش الذئاب لحمك، وتفترس الكلاب قلبك، وتحتسي الثعالب دمك،
وتتكرر عملية موتك بين أنيابهم ومخالبهم كلما رأيتهم، وتكتشف حينها أنك كنت فريسة
سهلة لحيوانات بشريه...
تشتاق إليهم بجنون. تحن إلى وجودهم ووجوههم وأصواتهم بالجنون ذاته، وتزور أطلالهم
بالخفاء، وتتمنى أن يعود الزمان ليلة واحده كي تتذوق طعم الفرح في حضورهم، ولكنك
تتراجع كالملسوع بعقارب الحنين، حين تتذكر أن الزمان لن يعود ابدآ.. وكم سيكون
الإحساس قاس...
إحساس ممل عندما تقرأ لكاتب لا يكتب إلا عن نفسه. وتنصت لشاعر لا يشعر إلا لنفسه.
وتسمع مطرب لا يغني إلا لنفسه. وتلتقي بإنسان لا يرى ولا يسمع ولا يحب إلا نفسه...