مأساة تشتت الأسر الجولانية.. إلى
متى؟
«جولاني» - تقرير رشا صباغ - 16\09\2009
إن هذا الريبورتاج ما هو إلا محاولة لعرض مأساة أخرى من مآسي أهالي الجولان المحتل.
أكثر من مائتي امرأة قدمن من الشام بعد أن رغبن في الزواج والاستقرار مع من أحببن
من أبناء الجولان، من أجل تحقيق أحلامهن في بناء أسر سعيدة ومستقلة.. فكان ثمن هذا
الحلم الابتعاد عن أهلهن في الوطن الأم سوريا، والتضحية بكل شيء له علاقة بمسقط
رأسهن، والانتقال للعيش في غربة بطعم مختلف عن أي غربة أخرى.. فهذه الغربة تعني أن
ينقطع الإنسان عن مسقط رأسه وأهله إلى أجل غير معروف!
فإن عودة كل عروس إلى دمشق، لزيارة أهلها، ليس واردا في الحسبان، ولا تتم إلا في
حالة قصوى كالموت الذي يزيد الغصة والألم في قلوبهن.. لأن السلطات الإسرائيلية لا
تسمح بذلك.
لقد أتت كل من هؤلاء النسوة إلى هذه المنطقة الحساسة، بفستان العروس، بإرادتها
ورغبتها، وتحت رقابة من عقلها المسؤول عن هذا القرار الصعب، ولكن من جهة أخرى،
إنسانية، على مجتمعنا الوقوف إلى جانبهن ومساندتهن في إيجاد حل لهذه المشكلة
الأليمة، لأن هؤلاء النساء اللواتي أصبحن زوجات وأمهات في مجتمعنا، من حقهن التواصل
مع أهلهن وأقاربهن في الجهة الأخرى، عن طريق زيارات عائلية، كزيارات رجال الدين
وطلاب الجامعات...
معاناة هؤلاء النسوة تزداد ألما مع كثرة السياسيين الذين يأتون كل عام ليجتمعون بهن
واعدين بحل مشكلتهن، فيؤججون فيهن آمالاً كاذبة بوعود ليس لها أي رصيد، مستغلين
مأساتهن وتعلقهن بأي وعد – كما يتعلق الغريق بقشة...
مشكلة تشتت الأسر الجولانية على طرفي خط وقف إطلاق النار هي مشكلة أساسية بالنسبة
لأهالي الجولان عامة، ولكن مشكلة النساء المتزوجات من الوطن إلى الجولان خاصة تبقى
الجرح الأكثر نزفاً وإيلاماً، وتقع على عاتق المجتمع، وبالأخص الجهات الفاعلة وعلى
رأسها الهيئة الروحية في الجولان، إيجاد حل إنساني يسمح لهن بزيارة أهلهن والتواصل
معهن، خاصة في الحالات الإنسانية القصوى مثل الوفاة، حيث شهدنا على مر السنوات عدة
حالات وفاة على طرفي خط وقف إطلاق النار، دون أن يتمكن الأبناء والبنات والآباء
والأمهات من إلقاء نظرة الوداع على أغلى الناس عليهم.
موقع جولاني توجه للمحامي نبيه خنجر، بصفته متابعاً لملف فتح معبر القنيطرة أمام
العائلات الجولانية المشتتة، وسأله عن آخر التطورات في هذا الموضوع:
"نحن نعمل على موضوع فتح معبر القنيطرة بشكل دائم ومستمر منذ عدة سنوات، وذلك
بالتنسيق مع الهيئة الروحية في الجولان، التي ألقت بثقلها في الأشهر الأخيرة في هذا
الملف، وبالتحديد في قضية زيارة النساء إلى الوطن، وكان هذا الملف هو الموضوع
الرئيسي الذي يطرح من قبلنا في كل لقاء مع مسؤولين إسرائيليين.
وكانت الهيئة الدينية قد التقت مؤخراً مساعد وزير الداخلية الإسرائيلية السيد سعيد
معدي، وبعده مراقب الدولة السيد ميخا لندشتراوس، وشغل هذا الملف الحيز الأساسي في
هذه اللقاءات.
لقد وعدنا من قبلهم ببحث هذا الموضوع بصورة جدية على أعلى المستويات وبأسرع وقت،
ونأمل أن نرى نتائج جيدة في الأيام القليلة القادمة".
موقع جولاني التقى أيضاً بعض النساء النشيطات في ملاحقة موضوع الزيارات إلى الوطن،
فأبدين بعض التحفظ على هذه التصريحات، موضحات أنهن حصلن خلال السنوات الماضية على
مئات الوعود، التي تبين في النهاية أنها من دون رصيد، وأنها كانت تخدم السياسيين
ويستخدمونها كرافعة لخدمة وضعهم السياسي ليس إلا.. فهل سنشهد تغييراً في هذا الوضع
هذا العام؟ لقد صدق طرفة ابن العبد حين قال:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً |
|
وتأتيك بالأخبار من لم تزود |