عناق خيمة
سميح ايوب - 06\10\2009
طفح الكيل وبلغ السيل الزبى. عندما ضاقت الأرض بساكنيها فأصبحت أحلامهم أوسع من
الأرض نفسها. ولم يبقى سوى الفضاء الرحب يتسع الأمنيات وتطلعات مقهور باحث عن مضجع
أو صرح وربما غرفة يبني تحت سقفها مستقبل ليشعر بالراحة والاستقرار ودفيء المكان.
ولكن ما ضاع حق وراءه مطالب وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا. فالى
متى ستستمر الغلبة ويبقى السكوت مخيم على النفوس التائه في عالم الضياع .ونحن إتباع
الصحابي الجليل أبا ذر الغفاري رضي الله عنة. اليس هو القائل عجبت بإنسان يتضور
جوعا ولم يخرج للناس شاهرا سيفة. وهل هناك جوع قاتل أكثر من الحاجة لقطعة ارض نتجذر
بها كشجرة زيتون أو سنديانة . نشعر بالانتماء لها ونذود عن ثراها بوجه رياح الزمن
العاتية. اليست الأرض هي الأم التي شربنا من ينابيع حنانها وولدنا من رحم خيراتها
وسندفن في ثراها.
نادت الأرض فلبى أجدادنا النداء. ونادت الحاجة فهب الشباب للأخذ والعطاء. تشابكت
السواعد وتلاقت الأهداف وتألفت القلوب وسارت الخطى إلى الأمام لا رجعة في قرار
سيعطي الحق لاصحابة كما فعل الأجداد يوما.
كلنا واحد وكلنا أصحاب حق وكلنا ورثة الأرض والنضال للدفاع عنها وليس فئة ضالة تبني
سعادتها وتغنى على حساب الفقراء والمحتاجين.
ولكن الحق إن لم تدعمه قوة فهو باطل. والقوة إن لم يتحكم بها العقل ضلال. انه
الصواب لقد سار أبناء المجتمع الواحد بجميع فئاته وألوان طيفه الاجتماعي شيخ..شاب...
فتاة.. واطفال بهدف تطبيق العدالة نشر المساواة وإحقاق الحق. وبدا العمل بجد ونشاط
. الات تفتح الطرق وشباب منتشر في الوعر الذي هو جزء منة غير ابة بأشواك المكان آو
صعوبة تسلق الصخور التي اصطبحت ارادتة بصلابتها وشموخه بارتفاعها. ولكن صعوبة
المكان ووعورته سوف نتغلب عليها بجهدنا وآلاتنا ولكن هل سنستطيع التغلب على أطماع
فئة يدعون الحق بملكية ارض الاجداد والأبناء عبثا في زمن ولى بة عصر الإقطاع إلى
غير رجعة وولى بة عصر الأطماع والنفاق. حقا إننا لا نعيش زمن حكم المدينة الفاضلة.
لا بد من وجود خداع والكذب والنفاق والأطماع.ولكن العقل سيبقى سيد الموقف لحل
المصاعب والخلافات والحفاظ على السلم الأهلي كما فعل العقلاء من اسلافنا.
عدة أيام والفرحة تعم القلوب وتغني المشاعر .لقد بدا الحلم يتحقق وألتم شمل العائلة
الجولانية الطيبة من جديد تحت شعار نكران الذات اتجاه المصلحة العامة الكبرى. واصبح
الجميع أخوة تجمعهم الكلمة والأخوة تحت مظلة الحب والخير للجميع حاضرا ومستقبلا.
انه موقف مشرف انتفاضة اجتماعية تذكرنا بوقفة العز والكرامة إبان انطلاقة الإضراب
الكبير المفخرة 1982، ولكن شتان الفرق بين الخصوم . فخصم الاضطراب كان العدو المحتل
بعنجهيته وقوته أراد تركعينا وسلب كرامتنا والقضاء على انتمائنا. ولكن خصم اليوم هو
ابن جلدتنا وأخ الأمس الذي كنا واياة في خندق نضال واحد فمن المستحيل أن يكون عدوا
يعمل على إلغائنا أو نعمل على الغائة.
وفي هذا اليوم الرابع للعمل ألتم شمل الاحبةتحت سقف خيمة أقيمت بقرب مركز العمل في
المشروع بمنطقة وعريه تحيط بها الصخور ويلفها الليل بجانية وتتلاعب بها النسمات
الخريفية الباردة. شباب متحمس للعمل تملا الفرحة نفست وتعلو الابتسامة محياه غير
ابة بوعورة المكان ما دامت اقدامة عشقت الأرض بحجارتها واشواكها.غير آبه ببرد الطقس
ما دامت حرارة إيمانه بالنجاح المشروع المنتظر تدفئة وتبعث في نفسه التحدي. هناك
وعلى سفح رابية اجتمع الشباب لا فرق بين واحد وأخر من حيث العائلة العمر أو الثقافة.
لتصفق الكف وتعمر شبابه احدهم وتقرع طبلة آخر ويرتفع صوت ثالث بأبيات زجلية تناسب
الموقف مخترقة سكون الليل لتنتشر على تلك الروابي والهضاب علها تدغدغ غاصان التفاح
وتوقظ الأزهار من سباتها. وتتعالى الأصوات بالغاني الملتزمة فيحضر الجولان والوطن
والشهيد كما تحضر دمشق وبيروت وفلسطين ويتغنى أخر بالأرض والحقل وجمال بلادنا
فتلالا النجوم طربا ويطل القمر ضاحكا خجولا ليغمر البطاح باشعتة الوردية وتتعالى
اصوات الطرب وتتوافد الشبيبة باتجاه المكان حاملين ما تيسر من مأكل ومشرب وموقد من
النار ملتهب كالتهاب الحناجر والأفئدة بفرحة المناسبة وفرحة العمل والنصر.
وهنا تبدأ الهمسات لتسمية الخيمة...فيقول احدهم انه خيمة الحق.. ويقول أخر إنها
خيمة المساواة.. وثالث يطلق عليها خيمة الإخاء... و ولكنها خيمة الحب لا محال.
تحية لك أيها الجولاني الصامد في أرضك تحية لكل من عمل وساهم في هذا المشروع طوبى
لكل حر وكل ضمير حي سعى وعمل من اجل الكل ناكرا الذات.