بين
البصر والبصيرة
جيانا عماشة - 12\10\2009
للصراخ بمدينةِ الضباب صوت يشبه الصمت، يتقمص فرح السماء وحزنها. يعشق جنون البحر
وهدوء الموج، يختبئ فوق الأرصفة وعلى وجوه المارة، يسكن المقاهي والجرائد اليومية..
يسكن لحظة الغسق.. لا ليل يأوي أنــفاسه المتعبة ولا نهار يبزغ من فجر يعلو من
أفواه باعة الطرقات ثم يخفت متسللاً حبّات المطر ... يسوح ممرات منشغلة بمشاجرةِ
اطفال انهكهم التعب وقرروا انتظار العيد ببراءة لكي يأتي من طيات الغلاف الاسود
لكتابٍ اكتمل عند معبر الغربة من حقيبةِ سفر تحمل مشقات الترحال والعزلة، من لوحةٍ
عُلقت وتمردت بمتحف الفن التجريدي .
من ظلم سياج شائك يمتد طويلا على اعناق الزهور البريّة..
من كل شيء.. من اي شيء.. من اللاشيء ..
ليتكم تسمعونه..تسمعون صراخ قلبي...
اشتاقكم ...ظننتكم عابرين كمن عبروا.. لكن جثث القصص المرمية بذاكرتي اتعبتني لا
اعرفُ السبيل اليكم ....
علّني إذا جلست ثانية جلسة الذاكرة ستمّرون جميعا.. ستمّرون وتضحكون وتنتهون..
تنتهون ببطيء ..لأتالم اكثر .
لا حزن أكثر ... ولا موت يبطئ.....
اعتدت فرحة بصري يرتشف كأس وجودكم.. يعانقكم واحدا تلو الآخر وبقلبي يزرع صوركُم
لأحصدها في الغد البعيد وانهال عليها عتابا وابكي.... ثم أختبئ في زاوية النجمة
وابكي...
على الطاولة المستديرة كان لنا لقاءا ليس بمقررٍ ، إنما شاءت الأقدار ..
هكذا تُحبذ البدء بالحديث.....
تصف المكان الذي لا مكان له إلا ببصيرتها... اما الزمان كأنة يشبة زمن موت الربيع
محلقا عند بدء الشتاء ...
تُكمل...
لم ابحث عنهم لكنني وجدتهم، لست ماضيهم وليسوا كالزيتونة معمّرين بمستقبلي..
إنما اعشق حاضري لأجلهم ...
خلف الضحكة البريئة خبأت كوكبا يؤهله العتب .. زهر الليمون ريحه ومياهه الاشواق.
شرود حزين على مقلتيها والصراخ باق على صمته .
ضاق المدى ولم يعد للصبر مكان ...تشبثت بأسئلتي ..فأين لجناحيها أن يأخذانها في
فراغ الليل.. حتما ستعود لتخبرني....لن تطُل فيها دوامة الغبار تلك ...
بعد اعوام الثلوج...عادت ,الم أخبركم!!
ستعود..لملمت الذكريات عن شعرها وسلبتها الحديث لتكمل ما بدأت ...
أأنت تسكنين برج الحيرة كهؤلاء المحدقين...تريثي قليلا فحديثي يكشف وجهه ويطول . .
عندما ارنو باسمائهم تشهق الورود الراقدة تسترّق الحديث ..لم تترك خفقة تفوتها
للّقاء .. وحدها لا تعجز عن الحلم والذكريات.. تذكر النظرة الاولى والجلسة الاولى
..تذكر الغموض ودمعة العتب..تفتقد ربائط ايادينا واسرارنا النرجسية ولحظات الطفولة
المسروقة .. حيث لا انتماء.. بنينا موطننا وذهبنا إلى الخلود مطمأنين، ارتشفنا نشوة
الصباح في كؤوسنا القلقة من هجرة السنونو ....
وبلذة اللقاء الاول اعتدنا اللقاء ...نثقب الصخر، نخبئ الفرح ونخيطه بخيط شعاع.
لا تسألي المزيد...
لهثت وهي تكابر جوعها لروئيتهم .. تنشد الضوضاء والذكريات.