كيف تقيمون مصلحة من الصفر - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


كيف تقيمون مصلحة من الصفر
وبدون أي رأسمال أولي/ الجزء الاول
 
أسامة عجمي* - 07\02\2010
Osam.klkla@gmail.com

"الافراد ثلاث فئات: مبادرين، رجال أعمال وعبيد.. المقال بأجزائه جميعها مخصص لكل من يقع ضمن هذه الفئات وهو ليس مرشدا للمصالح والاعمال، بل هو مرشد للحياة الحره. ربما سيلزمكم ساعة كامله لقراءة الاجزاء كلها ولكن على الاغلب، ستكون هي الساعة التي غيرت حياتكم كلها"..
بعد ان يساعدك المقال على اكتشاف امور كثيره عن نفسك، ستبدأ بدون شك بالتحول لشخص اخر. لن تتمكن ابدا من العودة لحالتك السابقة، لانك اذا فهمت المكتوب هنا، فأنت بكل بساطه لن تريد العودة للخلف. لن يكون هناك مجال للعودة!
أثناء قراءة النص ستشعر أحيانا برغبة في الابتسام، أحيانا بالحزن. لا تتعجب، احيانا ستشعر بالغضب لأنني جدا صريح في اقوالي عنك. لا تقلق، ردة الفعل هذه طبيعية.
من أنت؟
الاقتصاديون يقسمون الافراد الى ثلاث انواع – مبادر(יזם)، رجل أعمال و أجير. في الواقع هنالك نوع أخر لكن من المبكر أن نتحدث عنه الان.
المبادر – هو الانسان الذي يقدر وقته والحياة بالنسبة له تحكمها قاعدة بسيطة وهي T=M (Time Equal Money). ولهذا تراه يقوم بتنفيذ كميات قليلة من العمل، لكنه عمل مهم وثمنه مرتفع. معظم الوقت تجده يفكر ويخطط (على الرغم من ان معظم المحيطين به متأكدين بأنه متكاسل وعاطل عن العمل). نتيجة ثمار أفكاره والحلول السريعة والفعالة التي يقدمها تجعل أجرته مرتفعه. المبادر يعرف كيف يدير بالشكل الافضل الاشخاص ووقتهم فهو في النهاية يعتمد فقط على نفسه.
رجل الاعمال – مشغول كل الوقت. مشغول الى درجة أنه لا يبقى له الوقت الكافي ليربح. يظن بانه ذكي جدا، وهو واثق بانه يعرف ويدرك كل شيء في عالم الاعمال. لكن، ولهذا السبب بالذات، فهو منذ سنوات لم يجد الوقت ليستثمر في نفسه وعائلته.
العامل – هذا الفرد هو "أذكى" بكثير من رجل الاعمال والمبادر سوية. فهو ذكي الى درجة انه عبر سنين طويله كان يعمل لديهم مقابل "بضعة قروش". إنه الممثل الافضل لمجتمعنا، لانه يشعر براحة كبيرة في المساء لجلوسه أمام التلفاز والحصول على عطلة وراحة أيام الجمعة والسبت. هو مؤمن بالناس وبأنظمة الدولة ولهذا تراه يعتمد عليها وعلى رب عمله. ليس لديه الوقت للتفكير لأن مديره يقوم بهذه المهمة "الشاقة" عوضا عنه وفي البيت – التلفاز يعلمه الشيء ذاته ايضا.
والان لنجد الاسماء الحقيقية..
منذ هذه اللحظة وصاعدا، سأطلق على جميع العاملين لقب عبيد!
معنى الكلمة يعمل في اللغة العبرية هو ((עובד)) وأصلها هو عبد ((עבד)). ولهذ، وبدون أي تفرقة، سأطلق على جميع الاجيرين اسم عبيد.
في القرون الوسطى أطلقوا اسم عبيد على العمال، ولم يشعروا في ذلك الوقت بالاهانة من هذه الكلمة. في وقتنا الحاضر أضافوا للكلمة ((עבד)) الحرف – ו – ((עובד)) لكي لا تكون الكلمة جارحة. لكن المفهوم نفسه لم يتغير.
بالطبع يوجد انواع للعبيد – هنالك عبيد فقراء، وهناك عبيد ليسوا كذلك. للكثير منهم يوجد بيوت، سيارات وبعضهم حتى يخرجون الى رحلات خارج البلاد.
لكن هذا لا يناقض مفهوم العبودية ذاته – العبد ينفذ فقط ما يخبره به مديره، وهو ملزم أن يكون في العمل أثناء ساعات دوامه المحددة. العبد مجبر على الذهاب الى العمل، او سيتعرض للفصل وعندها سيضطر للبحث عن عمل اخر والا سيتضور جوعا.
أنا أفهم انكم لم تحبوا ما قرأتموه.
ولكن: إذا لم تحب ما قرأته، هنالك إحتمال كبير بأنهم قالوا لك الحقيقة!
تعود على هذا فأنا ساخبرك فقط بالحقيقة. حتى لو لم تكن مريحة لك. لأنه فقط الحقيقة قادرة على ايصال الصورة الحقيقية للامور وجعلك تتوقف عن تصديق الخيال.
صفات العبد الواضحة
سأذكر هنا مجموعة كاملة من الصفات الواضحة جدا التي تميز العبد (بعض هذه الصفات تميز ليس فقط العبيد، انما الكثير من رجال الاعمال):
العبد لا يعرف كيفية تحديد أهدافه ورؤياه وهو غير قادر على تحمل اي مسؤولية على اعماله، هو دائما ضعيف ويبحث عن من يرثي لحاله، لديه خوف مزمن وهو غير قادر على التفكير، هو ليس حر لكن يعتقد بأن لديه "تفكير ورأي شخصي مستقل"، وعلى الرغم من أنه يعمل كالدابة، تراه يعيش على حافة الفقر بشكل دوري.
خذ لحظة للتفكير بما قلته وعد لإكمال النص.
العبد لا يملك آلية تحديد الاهداف
على ماذا يحصل المختص عندما يبدأ العمل في شركة ما؟ عادة سيحصل على طاولة، كرسي، حاسوب وهاتف. إذا كان لديه كل هذه الاشياء في البيت، إذن لماذا هو مضطر للعمل لدى شخص اخر؟
لانه بكل بساطه لا يعرف ماذا سيفعل!
فهو بحاجة الى شخص ليحدد له الاهداف والمهمات وليتأكد بحزم من اتمامهم. وماذا بعد؟
لاحقا، عمل المختص سيجني أرباحا، قسم من هذه الارباح سوف يمثل إجرته. عادة قسم هامشي جدا.
إذن، مقابل ماذا قام المختص بالتنازل عن معظم ارباحه التي قام بجنيها؟ مقابل أنه كان هنالك شخص اخر الذي حدد له المهمات والاهداف واخذ على نفسه المسؤولية التامة لاتمامها.
المهمة سوف تتم بكل حال. إذا لم ينجح هذا المختص سيجلبون غيره أو سيجربون طريقة اخرى.
من يحدد المهمات – المبادر. من الذي سيسأل ماذا سنفعل – العبد.
ومن هنا ينبع استنتاج بسيط: إذا كنت غير قادر على ادارة نفسك (لا تعرف ماذا ستفعل). شخص اخر سيديرك بالضرورة (يقول لك ماذا تفعل ويحدد لك الاهداف).
للاسف الشديد وعبر سنين طويلة من التعليم في المدرسة والجامعة فان الافراد قد تعودوا بأن لا يفكروا والا يأخذوا قرارات شخصية.
فقد تعودوا ان ينفذوا اوامر اهلهم، معلميهم، أصدقائهم، محاضريهم وهلم جرا. ولهذا فإن للكثيرين منهم، السؤال " ماذا سنفعل الان؟" – هو بكل بساطة جزء من روح حياتهم (الابحاث اثبتت بأن حس الاستقلالية، البحث العلمي والاستكشاف يتعلق بشكل كبير بمدى جودة الادوات والتعليم الذي يتلقاه الشخص في سنواته الاخيره في المدرسة).
لكل شخص يذهب الى وظيفته مدير- المدير يحدد الاهداف، يحدد الاستراتيجية، يحدد القوانين، يقرر المهام الجارية، يراقب جودة التنفيذ، يمدح ويعاقب.
بدون المدير سيظهر لدى الافراد قلق رهيب: "كيف هذا، أنا ساقرر بنفسي ماذا يجب ان افعل؟! هذا غير ممكن! لم يعلمني احد كيف افعل هذا باي مكان كنت به! دائما اخبروني بما سافعل ومتى!"

لماذا ومتى يفقد الاشخاص القدرة على اتخاذ القرارات الشخصية؟
العملية تبدأ منذ الدقائق الاولى لولادة الطفل حيث يسلبونه الحق في اتخاذ قراراته:
- أولا الام تقرر متى تطعم ابنها.
- بعد هذا الام تقرر كيف ستطعم ابنها.
- لاحقا الاهل يقررون متى على الابن ان يخرج لرحلة، متى سيلعب، ومتى سيذهب للنوم.
- التكملة هي الاسوأ بينهم: في روضة الاطفال يقررون للابن ما الجيد له، في المدرسة – ما هو السيء له، في الجامعة – ماذا سيساعده في حياته.
- في النهاية وفي العمل المدير يقرر "للابن" ماذا عليه ان يفعل ريثما يصل وقت التقاعد. ولكن حتى عندها لا يتركونه وشأنه – يقررون له ماذا ستكون المخصصات الشهرية لتأمين التقاعد (קצבת אבטחת הכנסה) وبل يقررون له الحد الادنى لمبلغ التقاعد.
القرار الوحيد الذي يتخذه الفرد عادة لوحده – هي امنيته الاخيرة قبل وفاته. في هذه اللحظة، عندما يفهم ويتاكد بأن احدا لن يسلبه اي شيء بعد الان، سيقول: "انا لست مدينا لاحد بأي شيء". وهكذا نصل لِ – "أنا اريد" الاخيره، وبالنسبة للكثيرين ايضا الاولى.
والان توقف لتفكر قليلا بما قرأته وأجب نفسك عن السؤال التالي:

من يحدد لك الاهداف في حياتك؟
اهلك؟ مديرك؟ الدولة؟ أو أنت؟

* أسامة العجمي:
مستشار اقتصادي في وزارة الصناعة العمل والتجارة
وشريك في مكتب "بيست سولوشينز" للقروض والخدمات المالية
B.A. Economics & business management
Haifa University