إصغاء
كميل خاطر – 16\02\2010
لا يطيب البوح إلّا على عتبات المساء، وبه كنت أبحث فيك عني، أغمض عينيَّ حتى أراكِ،
وألتقط ذاتي من بين أضلاعكِ...
أحببتك حتى التعب لكنَ وداعكِ كان قاسياً ليلة البارحة- موعدنا كعادته يمضي بلحظة-
بينما كنت أقبل عنقكِ بوله، هربت شفتاي من بين السطور وغادرتني كائناتي الحبريه
فجأة، وبدأت مركبات روحي بالتفكك قبل عقد يا حبيبتي قد بدأت دون أن تحضنيني.. مه!!
إن الحب في عالمنا كما الحق يختنق ويصرخ لكنه أحيانا لا يموت.. ضميني واحملي عن
ذاكرتي بعض تعب الطريق.. امهليني كي تستريح روحي قليلا، فانتشارها التدريجي سيمنع
طفلا من نطق أسمي
- الأطفال هنا حيث يجري نهر أحلامي لا تذكر سوى من مات على غفله كما يموت الياسمين،
كما يموت البرق.
بعد الموت لا ترى رؤيانا سوى فجوه، ويد ممدودة لميت قبلنا، ما علينا سوى أن نشبك
يدنا بيده ونمد الأخرى ليشبك بها ميت آخر يده... موتنا يجسر قطعة من مقطع كلما ضاق
كبر ذاك الأمل، اقترب ذاك المقدس المنتظر.
أقف أمام شرف الحاضر محاوراً بمقام لا يليق بنور قنديلنا الراقص المرتبك، لم أنوِ
تلك الليلة سوى إضفاء قيمة لأفكارنا المشتركه- ضممتها حينها ساعتين ثلاث- لكن موج
بحري كان يعود مترنح ثملاً دون أن يتساما. انبهرت لاصطدام أفكارنا بصخرة اللا منتمي
بأزمة هويه.
تلك الليله كنت أحاور فتاة في فجر عمرها، كنت أقول إن الأزمه ليست أزمة انتماء
وهويه، صدقيني حبيبتي بأن أزمتنا ليست أزمة انتماء وهويه بل لربما أزمة خيارات،
أزمة خياراتنا اللا واعيه.
بربك لا تصدقيني.. لا تصدقي أنني مؤمن بكِ كما بوطني، بل صدقي أنني كافر بكما
وبسجيلكما الذي ترجُماني به كل ليله لتعيداني من سهوة الحياة..
أنتما من أخمد نار الثوره حتى إن كنتما منتصرين.. أما الوجدان فعاد خاسرا تلك
الليله... خاسرا بقي ذاك الوجدان.....
كم قهقهت حينها، كم ثملت أنا والعندليب الكاذب الذي أخبرها مره أننا سنعود.
كم ثملت ودمعتي لا تحتاج إلا جرحا لتبذر ورداً براقاً في العينين، والحب لا يحتاج
إلا قليلاً من عطرها، قليلاً من خمرة الروح وحفنه من رائحة التراب...
الموت كما الحب قالوا إن لونه ورديّ وعلى جدران كوخه بصمات أجنحه غادرت عشها.. وجهه
غامض وحجره قديم ويحتضن بقايا صور معلقه محيطها كما لون الأرض بنيّ كما جذوع الشجر
غامق، ريقه كما نبيذ أحمر عتيق ولوعته بنفسجيه.
سبحانك مولاي كلما اختلط حبر قلمي ببياض الصفحات تهجرني وتجلس محايداً وكأنك غير
موجود... آه مولاي حتى ثمن تذكرة العوده للماضي ترغمني على سدادها.
ماذا عساك راغباً أن أقول:-
أيها الحب.. أيها الاله.. أيها الموت.. أيها الوطن.
أنا في حل منكم، أنتم من قيدتم أشجار حقلي بزرد وسلاسل وجعلتم جرذان الحقل أسياد....
أنا لا أدعو سوى لاستمرار الحرب.
فالحرب كعادتها لا تنتهي إلا بعد سقوط ضعفاء، بعد سقوط شجعان وبعد أن تمطر الدنيا
دماً ودمعاً.
ولا تنتهي سوى حين تفيض جرار الأنذال ويعوا بأن أيديهم لامست قمم الاستحواذ.
الحرب ليست لنا نحن. وإعلانها ليس بأيدينا نحن، وحين تندلع يوما رغماً عنا نحن، عمن
سيسقط، من سيشرد ومن سيحل به الفقر، يجب ألّا تنتهي.. يجب ألّا تنتهي حتى تتلاشى
جرارهم وتسقط من قمه إلى سفحٍ وواد.
هل سنلتقي عند شجره تعانق خاصرة الوادي.. هل ستكون تلك نقطة البداية، وعيوننا تشيح
نحو سماء لا تنام تحمل على راحتيها ورده وعصفور
السماء تنام يا صاحبي، الأزل والأبد نائمان الآن. ذاك هو الأزل الذي ما قدم لنا سوى
شحيح من رؤيا، وخبرنا عن السماء التي كانت لا تنام.. السماء كانت لا تنام!!!؟
أنتما مذنبان وكل فاقدي الإرادة الذين سبقوكما من مدن الجنون المؤرقة، من العواصم
التي عم لياقة حكمها اليباس والقفر.. المواعيد ما زالت هناك تمضي وتمضي وتمضي حتى
توارت، وأنا بقيت أعيش لحظة احتضان.
لحظة احتضان دافئة.. لحظة حريه
لحظة احتضان دافئة.. لحظة حريه !!
أنهيت كلامي ولا تروا ماذا سأقول:-
كيف سأعيش لحظة حريه وأنا أبحث عن بقائي كإنسان..
وأنتم كذلك.