همسات في حضرة الشلال
مسعود الجولاني - 03\03\2010
كنت برفقتها في يوم صيفيّ لاهب,وكان جميع من صادفتهم ممتعضا ومستاء من حرّ ذلك
اليوم ,أما أنا فكم كنت ممتنّا لتلك النسائم الحرّى المرهقة التي عجزت يومها عن
تحريك وردة واحدة,ولكنها أجبرت رفيقتي الحسناء على فضح المستور من جسدها البرونزي
المغري.
وكنا نمشي... وأنا تائه لا أدري الى أين المسير,حيث كنت منشغلا..مركزا بأقصى طاقاتي
ومستنفرا كل حواسي.. في متابعة حبات الندى المتلألئة التي كانت تبدأ رحلتها ربما من
حول عينيها الساحرتين أو من جبينها المشرق,وكان قسم من هذه القطرات الصغيرة يتدلى
متأرجحا بشلال شعرها,وأخريات تتدحرجن هبوطا على جيدها الأسمر ..فصدرها الناهد..وكنّ
تبطئن من السرعة لحين...ربما لتستفزّنّ
نظراتي الحادة المحملقة..وبعد ذلك تغطسن في واد مظلم بعيدا عن متابعة نظراتي العطشى.
وفجأة أيقظتني من ثملة مسيري وقطعت عليّ تلك الفانتازيا الجامحة بقولها.."ها قد
وصلنا...انظر واسمع"
رفعت ناظري لأرى شلالا عملاقا متدفقا,وقد تعود الانسياب العذري من فوق صخوره
العصماء فيسكب المدام عميقا في مكان يلتقي فيه حنين النبع مع عشق المصب.وكأنه فلاح
يغرس شتلته المتحدية في قلب أرضه الطيبة,وسمعت هديرا فيه كل الشوق والعنفوان.
ولكنني نظرت حولي فوجدت أفرادا وجماعات,منها المعجب بهذا الجمال ومنها المقدر لهذا
العطاء ومنها ايضا من هو متأفف لأن رذاذ الماء البارد لم يلطف جبين كل من ارتفعت
حرارته..
فقلت لرفيقتي الحسناء: "ما بالهم؟"
فقالت لي:"دع عنك من حجج المتأففين...سيبقى الشلال هادرا,فان ذلك النبع المعطاء....من
وطني."