حوار مع الفنان إسماعيل مداح
«جولاني» - 05\04\2010
أجرى الحوار: علا الجباعي
فنان شامل، يملك الكثير من القدرات والمواهب، يمثل يغني ويرقص، إضافة إلى جاذبيته ووسامته وأخلاقه العالية، يستمد طاقته من قضيته التي يكرس لأجلها فنه. جاء من الجولان ليقول "نحن جزء لا يتجزأ من هذا البلد، ولدينا هم".. وفي حوار مطول مع الفنان إسماعيل مداح حدثنا به عن طموحاته أحلامه ورسائل العتب والشكر النابعة من المحبة.. |
- تتمتع بمواهب فنية متعددة، بين الغناء الرقص والدراما، أين تجد نفسك أكثر؟
دائماً يسألونني عن هذا التنوع. وأنا أرى أن الفن لا يتجزأ طالما أن هذه المواهب
تنصب بالشخص ذاته لتزيد من طاقاته الإبداعية. فأنا أكون أعمل في الإخراج أو الغناء
أو الرقص أو أو.. فأنا أستملك موهبتي لتزيدني حرفية ومعرفة. كما أنني حالياً أكرس
كل إمكاناتي لصالح التمثيل لأنني أجد نفسي ممثلاً أكثر من أي شيء آخر.
- ماذا عن تجربتك خلف الكاميرا كمساعد مخرج ومخرج منفذ؟
لا أخفيك هذه التجربة زادتني خبرة كبيرة فأنا أعرف ما وراء الكاميرا وكيف أتعامل مع
الفني ومع المخرج وأي كاست إخراجي جديد بحال كنت ممثلاً أمام الكاميرا. فلكل مخرج
عقلية ورؤية مختلفة عن الآخر. وأنا استفدت كثيراً من هذه التجارب، حتى وإن تابعت
طريقي كمخرج مستقبلاً.
- هل يعني هذا أنك بدأت بعملية بناء أولية لمشروع مخرج مستقبلي؟
نعم ولكن اليوم أوجه كافة طاقاتي نحو التمثيل. قد يقول البعض أنني لم آخذ الفرصة
المناسبة بعد وهذا صحيح، إلا أنني إذا فكرت يوماً بالتوجه للإخراج فعلى الأقل سيكون
عندي بداية جيدة ومع مخرجين مهمين وبطريقة تسلسلية من سكريبت إلى مساعد مخرج فمخرج
منفذ.
- ماذا عن الغناء، وقد سمعنا عن ألبوم غنائي جديد؟
أنا لم أطرح نفسي كمطرب، ولم أصدر ألبوم غنائي بصوتي، ولكن كانت عبارة عن تجارب "سينغل".
فالمسألة بالغناء مختلفة. إذا أمتلك الشخص الموهبة فهو يستطيع أن يعمل وينتج لنفسه
ويصدر أغنية يقدم نفسه للناس من خلالها بطريقة صحيحة. طبعاً شريطة أن يعرف كيف
يختار الكلمات والألحان و«الستايل» المناسب. والغناء بداية كان بالنسبة لي من دافع
التسويق لاسمي، والحمد لله أن ما قدمته لاقى صدى جيداً عند الناس. فعندما نزلت
بأغنيتي (حكاية غزة) و(حكاية سورية) عرفني الناس من خلالهما وأحبوني. وقد كان عندي
تجربة سابقة في الغناء عندما كنت في الجولان مع فرقة اسمها (رجع الصدى)، وفي دمشق
كان لي مشاركة أنا والفنان محمد آل رشي مع فرقة (بلا شوارب)، وهي مجموعة من الشباب
السوريين والفرنسيين. أيضاً شكلنا فرقة أنا والفنانة ديمة قندلفت ومجموعة من الشباب
اسمها (سفر)، وهذه التجارب أغنت خبرتي جداً.
كما كنت بصدد التعاقد مع شركة لإنتاج ألبوم غنائي بصوتي، وقد وصلنا لمرحلة كتابة
العقد، ولكنني تراجعت. فمن الأفضل أن يعرف الإنسان قدر نفسه. وأنا شخص بداخلي حزن
كبير وقضية أميل بسببها للأغنية الرومانسية والأغنية الوطنية الملتزمة. وهذا النمط
لا تفضله الناس كثيراً في هذا الوقت. كما وأنه ليس لها مكان على الفضائيات وللتسويق.
والشركة التي ستتبنى ستطالبني مؤكداً بحفلات وأرباح ونسب. ولأنني لم أكن مستعداً
لهذا المشروع، قررت أن أعمل على حسابي وبمساعدة بعض الأصدقاء الذين آمنوا بي. فإن
استطعنا أن نقدم شيئاً كل فترة أكون من خلالها موجودا على الساحة الغنائية، بحال
انقطعت عن التمثيل والإخراج. قد يكون هذا الكلام خاطئا لكنني وصلت لهذه النتيجة
فهذا كله فن من خلاله استطيع أن أقول ما أريد.
- لأي درجة انعكست قضيتك على خياراتك الفنية؟
أطمح دائماً أن أقدم أي دور أو شخصية لها علاقة بقضيتنا سواء بالجولان، فلسطين
ولبنان. وكان لي تجارب منها سينمائي فيلم «الهوية» مع المخرج غسان شميط، فأخذت دور
شاب فدائي يعمل مع المخابرات السورية ويستشهد. هذا الدور لامسني من الداخل كثيراً
لأنني كنت في الجولان على تواصل مع أشخاص عاشوا هذه الحالة واستشهدوا، ومنهم الشهيد
فايز محمود، وهو ممن ترك بذاتي أثراً كبيراً. وأيضاً شاركت في فيلم (باب الشمس) مع
المخرج يسري نصر الله. وتلفزيونياً كان لي عدة مشاركات، كمسلسل (آخر صفقة حب)،
وآخرها السنة الماضية (رجال الحسم) مع المخرج نجدة أنزور. وأنا أتمنى أن تعرض على
أعمال بمساحات أكبر لأعمال تحاكي القضية، ولكنني حتى الآن لم أصل لمرحلة الاختيار،
كأن يقدم لي خمسة أو ستة أعمال وأختار ما أشاء. فبالنهاية يتم اختياري على أسس هم
يرونها تعتمد على شكلي ولا يعرفون ما بداخلي، إلا أنني والحمد لله أمتلك موهبة أثق
بها وأي مخرج يطلبني للعمل كأول مرة يتجرأ ودون تردد باختياري مجدداً.
- كيف تم اختيارك لهذه المشاركات السينمائية؟
في السينما هناك ما يسمى (تيست) وقد تم اختياري على أساس (طولي وعرضي وشكلي)
فالشخصيات الفدائية بحاجة لشاب صاحب بنية جسدية قوية.
- ألا تشعر بمشكلة إذا تم اختيارك ضمن هذه الشروط وفي هذا القالب من الأدوار؟
لن أقول هذا ظلم لأنني حتى الآن لم أقدم هذه الأدوار بالشكل الذي أحب.
فأنا لدي طاقة كبيرة لأقوم بأداء الشخصية الوطنية والشاب الفدائي... وإذا قدمت يوماً
ما دورا بكامل مساحته من هذا النمط يمكن أن أقول لك أنني سأختار شخصيات مختلفة.
وأعتبر أنه كانت لدي تجارب سينمائية جيدة إذ شاركت بأفلام (المهد، الهوية، باب
الشمس وفيلم جوبا في مصر) والسنة كانت لدي بطولة في فيلم سينمائي قصير مع مؤسسة
السينما اسمه (الجوانية مكان وزمان) إخراج نائل تركماني.
- بالعودة للدراما عقد مؤخراً في سورية ملتقى الدراما السورية الأول، برأيك هذا
الملتقى ما سيقدم للممثلين الشباب وما دوره بنهوض الدراما؟
دائما يتحدثون عن الطموحات والمواجع وأنا أقول: "نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً". مثلاً
أنا أعمل منذ العام 2000 وسألغي أربع
سنوات لأقول أنني بدأت منذ 2005 في مسلسل (أشواك
ناعمة) مع المخرجة رشا شربتجي، وحتى اليوم لدي معاناة، فدائماً انتظر من يطرق بابي
ويدعوني للمشاركة معه، مع العلم أنها تربطني علاقة صداقة مع معظم المخرجين
والمنتجين. ولا أدري ما الذي ينتظرونه مني فهذا يعني إما لأنني ممثل سيء أو أنه علي
أن أطلب العمل، وهاتان النقطتان أرفضهما بقوة. فبشهادة أساتذة عملت معهم أشادوا
بعملي وقالوا أنني ممثل جيد، ناهيك عن أن الناس في الشارع تعرفني وتتذكرني. فمسألة
الملتقيات والمهرجانات للأسف دائماً متعلقة بالشللية والعلاقات والمصالح وأنا ضدها
تماماً. وكإسماعيل لست مستفيداً من هذا الملتقى بشيء، حتى مهرجان السينما إذا لم
أكن مشاركاً بأحد أفلامه أشعر أنه لا وجود لي، لأن هذه المهرجانات والملتقيات لا
تقترب مني كثيراً ولا تلاحظ ماذا تريد. أيضاً على الصعيد المادي والأجور فهناك
أشخاص يتم استغلالهم بشكل واضح وصريح دون خجل، وممثلين جالسين في بيوتهم لديهم
طاقات أكثر بكثير من الذين نراهم استهلكوا واستنفذوا كل طاقاتهم في 10 أو 12 عمل في
السنة، فمثل هؤلاء ماذا لديهم بعد ليقدموا. وفي النهاية قد يكون الملتقى بداية
ظاهرة جيدة شريطة أن تطبق بمصداقية وشفافية.
- تقول أنك ضد الشللية والمحسوبيات، ولكن أين المشكلة إن كان الممثل محسوباً على
مخرج ما، طالما أنه قادر على أن يظهر طاقاته ويوصل ما بداخله؟
حسبوني في فترة من الفترات على الليث حجو وأنا اعتز بهذا. قد أكون من جماعته في
الإخراج ولكن حتى الآن في التمثيل عملت معه أدوار صغيرة في (أهل الغرام) وفي مسلسل
(خلف القضبان)، على الرغم من أنني كنت بموقع أستطيع من خلاله أن أختار الدور الذي
أشعر أنه يناسبني كمخرج منفذ. ولكن لأنني أحترم خيارات الخرج تركت له الخيار. وعن
مسألة أن يكون الممثل محسوب على مخرج أو شلة معينة فالشخص لا يعرف ماذا تخبئ له
الأيام. فمن الممكن أن يختلف مع هذا المخرج، فيكون هو الخاسر الوحيد بمثل هذه
الحالة. لذا أرفض وأبتعد عن الشللية لأنها وإن دلت على شيء فإنها تدل على ضعف
مخرجينا الذين لا يمتلكون رؤية وقدرة، لن أقول على صناعة نجم، ولكنهم يفضلون
القوالب الجاهزة، ويدافعون بضراوة عن مواقفهم الشللية.
- إذا أنت ترى أن لدينا أزمة ثقة بين المخرجين والوجوه الجديدة؟
الأزمة لا تقتصر على الوجوه الجديدة وحسب، فهم يريدون قالباً جاهزاً واستسهال من
أجل الإسراع والبدء بعمل جديد للمزيد من كسب الأرباح المادية.
- ماذا تحدثنا عن تجربتك مع المخرج الليث حجو؟
مشاركتي مع الليث حجو هي من أهم وأجمل التجارب. بدأتها معه في مسلسل (ع المكشوف)،
ثم تابعتها في (أهل الغرام) بجزأيه الأول والثاني. ليث لديه ميزة أنك حين تعمل معه
فأنت يجب أن تكون مستعداً لأي طارئ فتكون أحياناً مخرجاً منفذاً أو مساعد مخرج بحال
غاب المساعد أو حتى سكريبت. أو قد يغيب هو ويحملك مشاهد لتصورها بنفسك. معه ممكن أن
تعمل أي شيء في «اللوكيشن». وعملي معه زادني خبرة توازي سنة من دراسة الإخراج
الأكاديمي، لأنه شخص يمتلك موهبة وخبرة وتعامل مهني صحيح. يدرس أي خطوة يخطوها
بتمعن وإدراك، مما يؤدي إلى أنه مخرج يعرف ماذا يريد وهذا طبعاً لا يخفى على أحد.
- الرقص جانب يجهله البعض عند إسماعيل مداح، ماذا تحدثنا عنه؟
لست راقصاً بمعنى راقص بل شاركت العروض مع فرقة راقصة. فأنا مدير إداري لـ (تجمع
محور للفنون المسرحية) وهذا التجمع كان يشمل المسرح والسينما، ولكن ولضعف التمويل
اقتصر التجمع على فرقة «محور الراقصة» وهي فرقة مسرح راقص مديرها خالد عبد الرحيم
خريج فرقة كراكلا وهو كتلة من الطاقة والحيوية والحماس. لقينا بعض الدعم والمساعدة
من دار الأوبرا. وأنا كصديق تحمست للموضوع وحاولنا أن نقدم كل ما لدينا. وما زال
عندنا الإصرار للمتابعة وأتمنى أن تتوفر الشروط المادية اللازمة لإعادة إحياء
الفرقة المكونة من ثلاثين شاباً وشابة موهوبين. للأسف كنت بعيداً عنهم الفترة
الماضية لكنني سأعود للتواصل مجدداً. ومن أعمال الفرقة (ليل دمشقي) التي عرضت السنة
الماضية على مسرح دار الأوبرا.
- لمن يعود الفضل بهذه الشمولية؟
لإسماعيل نفسه، وللطاقة التي بداخلي، ويبدو أن أحداً لم يرها بعد. لا أقول هذا من
دافع الغرور لكنني مؤمن بنفسي. دائماً أسمعهم يقولون لي: "يا أخي لا يناسبك هذا
الدور"، ولكن لماذا لا تعطيني فرصة وتجربني ثم احكم. قد أكون مناسباً. وأنا هنا
أؤكد على مسألة تكرار الوجوه نفسها في جملة من الأعمال. فيبدو أن هذا الموضوع مرتبط
أكثر بالشللية وبالتواجد في المقاهي وفي (قهوة الروضة) تحديداً، وأنا شخص بعيد
تماماً عن هذه الأجواء ولا أملك غير احترامي لذاتي وللناس. إلا أنني لا أغفل في
حياتي بعض الأسماء التي أعتز بأنني عملت معهم، وهم فنانون دعموني معنوياً وعملياً
بصورة كبيرة. كالأستاذ جهاد سعد والفنان محمد آل رشي في المسرح، والمخرج الليث حجو
في الإخراج، والأستاذ بسام كوسا الذي دعمني معنويا ووقف بجانبي في كثير من المواقف.
الأستاذ غسان مسعود الذي وقفت أمامه في فيلم (جوبا)، فهو نجم والوقوف أمامه يعطيك
الكثير من الطاقة الإيجابية التي يمتلكها، وهذا يكفي ليكون بالنسبة لي مدرسة في
الأداء والأخلاق. أيضاً المخرجة رشا شربتجي كان لها فضل كبير لأنها عندما قدمتني في
أشواك ناعمة قالت لي: "من خلال هذا الدور سأجعل الناس تعرفك" وصدقت، فهي مخرجة تعمل
على المثل بطريقة حرفية وأنا أتمنى أن أعمل معها في أي مسلسل حتى لو كانت مشاركتي
بمشهد واحد. طبعاً بالإضافة إلى رضا أهلي فدائماً أستمد طاقتي منهم ومن قضيتي التي
أود أن أثبت من خلالها أننا أناس أصحاب قضية وعندنا هم، وعلى استعداد للتواصل
الدائم مع بلدنا لأننا جزء لا يتجزأ من هذه المسيرة، مما يضعني أمام مسؤولية اتجاه
أهل بلدي وذاتي لأقدم ما عندي بطريقة إيجابية.
- ما جديدك؟
بالغناء سأصور أغنية حكاية سورية للتلفزيون السوري إخراج زهير قنوع، وستتم عمليات
التصوير في عدة محافظات، والأغنية من كلمات وألحان أنس شعبان، توزيع فراس خوري،
ماسترينغ نزار تارك، وبالدراما أصور حالياً مع شركة بانة مسلسل (رايات الحق) للمخرج
محمود الدوامنة، وهناك بعض الأعمال التي لم أوقعها بعد لذلك لا أستطيع التصريح عنها.