قدمنا
شكوى
إلى الوزارة وقع عليها 118 طالب دون أن
يكترث. وأعلن الحرب علينا!!!
مدير الثانوية كاد يقضي على مستقبلي
أمير بريك – 06\04\2010
قبل عشرة أعوام تخرجتُ من ثانوية مجدل شمس. تخرجنا دون أي مظاهر أو فعالية، رسمية
كانت أو ترفيهية. حتى أنه لم يكن هناك تاريخ معين أو فكرة عن طريقة تخرجنا. لم
نستلم الشهادات بين معلمينا وزملاء الدراس، بين فرحة الأهل بنا، وأحد لم يشكر أحداً
على شيء.
سعينا بجهود شخصية، نحن الطلبة للحصول على صورة تذكارية تجمع الفوج الدراسي
بتلاميذه وكادره التعليمي. وبعد جهد جهيد تمت الموافقة من الإدارة المتمثلة بشخصية
المدير فقط. واستعملت الصورة كأداة عقاب، وقد نال كل صف نصيبه، فكثيرون لا تجمعهم
صورة تذكاريه مع زملاء دراستهم. وكأنه من حق المدير محو جزء من تاريخنا بقرار غير
مبرر.
كان من المستحيل طرح مجرد فكرة عن قيام أي حفل مهما كان أينما كان، حتى بوجود الأهل،
دون أي سبب مقنع.
علمنا من بعضنا أننا تخرجنا، فتداولنا الأحاديث فيما بيننا وعلى من يريد شهادة
الإنهاء التوجه إلى المدرسة. والحصول على الشهادة لم يكن بتلك السهولة، فبدلاً من
أن تدخل إلى المدير لتسمع نصيحة، حكمة أو حتى مجرد كلمة تساعدك في حياتك التي تنتظر،
يحصل العكس تماماً. لا تخرج أي شهادة لأي طالب إلا تحت موافقة المدير، وهناك تبدأ
المحكمة العسكرية، لتخرج من مكتبه يلازمك شعور متناقض من غضب وحسرة وفرحة بالتخرج
بنفس الوقت.
أنهينا سنوات الدراسة وخرجنا إلى العالم بحالة من الضياع والتشتت. فأكثر من سبعين
بالمائة منا لا يعرف توجهه أو ميوله، فلم يتم إطلاعنا على ما يوجد من مواضيع لإكمال
التعليم الأكاديمي، أو حتى أسماء جامعات أو عناوين كليات، وما العلامات المطلوبة
لدخول فروع معينة.
وكأي طالب طموح أردت أن أكمل تعليمي. وبعد استيفائي للأوراق المطلوبة للتوجه
للتعليم بالخارج أتفاجأ بالرفض، وأن سبب رفضي تهمة موجهة إلي مفادها: "أني خطير
أمنياً على دولة إسرائيل".
نزل علينا الخبر كالصاعقة فعملنا منذ اليوم الأول، أهلي وأنا، وبكل الأساليب
القانونية المتاحة لإسقاط هذه التهمة المدمرة في دولة مثل إسرائيل، وتحت الظروف
التي نعيشها في الجولان المحتل. خسرنا أول محكمة، فطلب المحامي الاستئناف، وخسرنا
المحكمة الثانية أيضاٌ. فما كان منا إلا رفع القضية إلى المحكمة العليا في القدس.
وبدأ الموضوع يأخذ منحى أكثر خطورة وتملكنا القلق الشديد، خصوصا من هذا التكتم
وسرية المصادر التي استندت إليها التهمة.
فعلمنا بالمحكمة، وبعد إصرار شديد وبجهد من محامي القضية، أن للموضوع صلة بالمدرسة
وبملفي الشخصي هناك الذي مُنع علينا نحن الطلاب أو حتى الأهل الاطلاع عليه.
من ملاحقتنا للموضوع توصلنا إلى ما يلي:
في تاريخ 1999/11/23 قمنا برحلة لمدة ثلاثة أيام، رافقنا فيها المدير رغماً عنا. فمن
اللحظة الأولى التي علم بها الطلاب أن المدير، السيد محمد خاطر، سوف يرافقنا الرحلة
ولمدة ثلاث أيام كاملة نزلنا من الباص، فهدد بإلغاء الرحلة حتى أرُغمنا على ركوب
الباص بمرافقته طائعين.
في اليوم الثالث، وكي لا أطيل الحديث، وكما كان مخطط نزلنا في منطقة باب العمود في
القدس. وبعد الانتهاء صعدنا للباصات، وكالعادة بعد كل نزول وصعود إلى الباص، بدأ
المدير بالتوبيخ والإهانة بسبب وبدون سبب. ولكن هذه المرة بعنف وغضب أكثر. فقد
علمنا بعد حين أنه أختلف مع طلاب في الباص الآخر وانتقل إلى باصنا. انتقل إليه
كقنبلة موقوته. استعمل كلمات مزعجة حتى الإهانة في كثير من الأحيان. وعندما قلت له:
"لو سمحت نحنا مش حيوانات"، أنفجر. وعرض باصاً كاملاً من الطلاب للخطر، فبدأ بضربي
بكل ما طالته يداه من الأشياء التي كانت بجانب السائق، وخلق نوعاً من الفوضى بالباص،
والهلع بين الطلاب، على شارع مزدحم في القدس. تم طردي من المدرسهة كعمل روتيني جداً
بعد أي حدث يمس المدير شخصياً، وباعتباراته الشخصية فقط.
انتهت رحلتنا المشؤومة يوم الخميس. وفي يوم الأحد توجهتُ برفقة أبي إلى المدرسة
لأطلب السماح من المدير، لأنه وبديهياً شرط أساسي لعودتي للمقعد الدراسي في ثانوية
مجدل شمس. توجهت إلى الصف لأجد الطلاب جميعاً وبدون تنسيق معتصمين في الساحة
الداخلية للمدرسة. ناديت على أبي من غرفة المدير ليرى بأم عينيه الحقيقة، وبأني لست
بولد عنيف أو تنقصني التربية، فقد عانيت الكثير في البيت ومع العائلة بعد طردي من
المدرسة. انضممت، أعتصمنا بهدوء رافعين شعار: "نحن نعترف بواجباتنا ولنا حقوق يجب
الاعتراف بها". كان حدثاً غير عادي في ثانوية مجدل شمس، وخصوصاً أننا هددنا بالخروج
إلى ساحة البلدة والاعتصام هناك. وبدون أي تخطيط مسبق قمنا بالاتصال نحن الطلاب
بالصحافة لتغطيه الحدث، ومن بينهم الصحفي عاطف الصفدي. وعندما رفض المدير دخولهم
إلى المدرسة، اتصلوا بالوزارة لأخذ الموافقة بالدخول. فقامت الجهات المعنيه
بالوزارة بالاتصال بالمدير للاستفسار عن ماذا يحدث. فكان جواب المدير أنها "مسألة
أمنية". وكلنا يعلم وقع سحر هذه الكلمة على مؤسسات دولة إسرائيل، فمنعوا من الدخول.
رفض الالتقاء بنا نحن المعتصمين خارج صفوفنا لسماع مطالبنا وأسباب الاعتصام. قدمنا
له ورقة كي يقرأها بعنوان "منا وإلينا" (نقاط مهمة جمعت بشكلها الصحيح بدون أي
تغيير أو تحريف من مجموعة "دارنا"، مجموعة تربوية وأدبية من أنتاج كلية إعداد
المعلمين العرب- حيفا)، فكان جوابه :"هذي بمسح فيها صباطي". لخصنا مطالبنا تحت
عنوان "مدرستنا التي نحلم بها" وقدمتها له أنا شخصياٌ، فثار واتهمني بتوجهات سياسيه
لم أفهمها حينها. كتبنا شكوى إلى الوزارة ووقع عليها أكثر من 118 طالب من الفوج
الذي كان يضم 136 طالبا، دون أن يكترث. وأعلن الحرب علينا.
عندما طلبت منه الوزارة تقديم تقرير عن هذا اليوم وما رافقه من تطور للأحداث، بعث
لهم بأني كنت في ذلك اليوم بالرحلة، وفي منطقه باب العمود أنوي الانضمام إلى مظاهرة،
فعالية مقدسية ضد الاحتلال، وقام هو بدوره بردعي بالقوة محافظة على سلامتي، وكيف
أنه لاحظ خطورتي منذ أيامي الأولى في الدراسة. حيث كنت من بين الذين طالبوا: بمجلس
طلبة، مؤهل تربوي نفسي، وجريدة طلابية وأذاعه مدرسية داخلية.
الحمد لله، ولأن الله حق، كسبنا القضية في المحكمة العليا في القدس، وأنزل عن كاهلي
هذا الملف الذي كان ليدمر حياتي ومن حولي، يحرق أحلامي ويبخر طموحاتي، يطفئ مستقبلاً
لطالما سعيت له جاهداً وسهرت لأجله طيلة فتره سنوات تعليمي الثانوي.
وأخيراً انتهى كل شيء وتخرجت فعلياً من ثانوية مجدل شمس لأنتقل للتعليم الجامعي.
سنة كاملة من الشقاء إنتهت. سنة كاملة يصعب علي وصفها وأنا أرى أهلي تخور قواهم
ويستعصيهم النوم. سنة كاملة وأنا أسأل نفسي: ماذا فعلت لكي يكون رد فعل مدير مدرستي
عنيفاً إلى هذه الدرجة؟.
قلائل هم الذين وقفوا إلى جانبنا، وتهُمنا بالكثير وعاركنا وحيدين، رافعين نفس
الشعارات والمطالب التي بدأت تظهر في الآونة الأخيرة في مجدل شمس تجاه ما يخص مدير
مدرستها.
لذلك رأيت أنا، ومن بعد مشاورتي لأهلي، أنه من واجبي ومن غيرتي على بلدي وحرصي على
مجتمعي، ومن حق الجميع علي معرفة تجربتي مع مدير ثانوية مجدل شمس السيد محمد خاطر،
دون أخذ الموضوع بشكل شخصي أو فردي، فهناك خطر يداهم كل بيت منا ويهددنا جميعاً.
ليس أمير سوى قصة من قصص كثيرة ما زالت تنتظر تلك اللحظة الشجاعة.