نار .. نار
داوود الجولاني - 15\04\2010
ليس الكلام نقاشا حول الديانة الزرادشتية وكهانها المجوس، إن كانوا يعبدون النار أم
يشعلونها في الجبال للإنارة وهم يعبدون الله. وليس حول أغنية المرحوم عبد الحليم
حافظ "حبك نار" وإنما عن العامل محمد مهموم الذي بفضل تحصيله العلمى حتى الصف
الرابع يعرف تهجئة اللغة العربية. ولأنه يحب الجلوس أمام جهاز الكمبيوتر في المساء
وبغفلة من زوجته النائمة يتصفح محطات النت الجولانية وغيرها من مواقع أجنبية..
لن ندخل في خصوصيات العامل البسيط ولا في نزواته، ولكن محمد شوهد يوم الجمعة
الموافق للسادس عشر من نيسان من سنة 2010- وفي الصباح الباكر وعيناه يكاد النوم أن
يعرفهما ،أنه دخل المركز التجاري الكبير وأخذ بشراء كميات كبيرة من المؤن الغذائية،
فأشترى أكياسا من الطحين وقارورات الزيت وعلب السردين والتونة والعديد من قطع اللحم
المجفف وإشترى أيضا علب الشامبو وشفرات الحلاقة وورق الحمام الناعم.
كانت البائعة قد تعجبت من سلوكه وشككت في نفسها أن يستطيع دفع ثمن هذه المشتريات
وهو المعروف عنه أنه بالكاد يسدد ديون الدفتر. ولكنه فاجأها حينما دفع المبلغ نقدا
وبالدولار.
مما جعلها تسأله لماذا تشتري كل هذه المشتريات وفي هذا الوقت المبكر؟
فرد وهو يهز رأسه ويبتسم ويتصنع الفهم والذكاء: "انتظري بعض الوقت وسترين أن أعدادا
كبيرة من الناس سيفعل مثلي".
اندهشت من كلامه وعادت تسأل ولما كل هذا؟
فأجاب :"... نار نار ... وضحك كأن بجعبته أحجية.. ثم أكمل بعد أن رأى الغباء يتجلى
في وجهها:
"لقد قرأت الإعلانات في بانياس وجولاني وفي بقية محطات النت عن الحفلات التي ستقام
الليلة بمناسبة ذكرى الجلاء فادركت بفطنتي أن الحرب ستنشب غدا ..
- ما هذا الذي تقوله ...؟ هل تعني أن إسرائيل ستشن الحرب على العرب؟ قالت مندهشة
والذعر يملأ صوتها.
ضحك بملئ فمه... "بل الجولان سيشن الحرب على إسرائيل".
- أنا لا أفهم كلامك... قالت وقد ضاق صدرها من أجوبته.
فقال: "لو قرأت النت لأدركت كيف قسم الثوار القرى إلى مواقع حرب ورصوا الجنود في كل
الجبهات.. ففي قرية مسعدة توحدت الناس جميعا وأستدعوا فنانة صوتها أقوى من أزيز
الرصاص، وحشدوا الكتائب من الاتحاد الرياضي... وفرقة خاصة من "تجمع الجولان السوري".
وفي مجدل شمس صلوا الناس جماعة وفرادة لله عز وجل، فاستجاب لدعائهم ووعدنا بالحماية،
وهكذا صنعوا توازنا عسكريا مع "يهوه" اله بني إسرائيل. فالله صار يحمينا ولا وقت
لديه لغيرنا . ثم بعد أن أتموا الصلاة إنتخبوا اللجنة الشعبية.
- فقاطعته وماذا نحن فعلنا في بقعاثا ؟
لا تستعجلى سأتمم كلامي... وأكمل: "في بقعاثا كنا أكثر حنكة وخبرة ففي مركز تواصل
أعدوا للتحرير الأصوات الرائقة والواعدة، وحضور كله أناقة وكياسة ولباقة.
أما في قاسيون فقد أعدوا اليافطات والأعلام لتدلنا أين تقع ساحة الثوار وأين يقع
تمثال قاسيون وشحذوا الهمم للفرح والدبكة ... فهل إقتنعت الان أننا مقدمون على حرب
ضروس ."
- فأجبت : وهل تستحق إسرائيل كل هذه الجبهات المبعثرة؟
- فرد : "نعم فهكذا ستزداد النار بجمرها وستلضي... والحماية متوفرة من أحد أحد ،
واحد لاشريك له".