عصفور وسمكة
قصة للأطفال من تأليف إياد مداح
رسومات أكرم الحلبي
بقلم: ياسر خنجر - 07\06\2010
تحملنا الحياة أحيانا ـ وربما كثيرةـ إلى الالتفات حولنا والانتباه أن هنالك قدر
كبير من الأشياء التي نرغبها ولكنها تفوق قدرتنا على الوصول إليها، حينها قد نتدارك
الحلم ونبدأ بصوغ رغباتنا من جديد بطريقة أكثر واقعية، علنا نستطيع الوصول يوماً.
وقد نكون مرهفين على قدر اكبر فنختار أن نحتفظ بالحلم حلما لا أن نشده قسرا إلى
الوقوف على قدمين فيقتله تحوله إلى عادي وقد لا نثق به أكثر.
يقول حنا مينا في إحدى رواياته ما معناه "إن أنت حاولت أن تطال نجما عاليا متلألئا
في السماء سوف يتحول النجم في يديك إلى كتلة متفحمة"
إضافة إلى أننا محكومون أبدا بخصائص يستحيل أن نسقطها من تصوراتنا ورغباتنا وإن نحن
حاولنا تجاهلها سنرتد حتما خائبين.
لقد كتب إياد مداح قصة للأطفال بها انسيابية وسلاسة رائعين، فالكلمات كلها قابلة
للغوص عميقا في ذاكرة الطفل والاستقرار هناك إلى حين يتم استرجاعها واستخدامها
ثانية. كما أن الخيال الذي اعتمده الكاتب هو أقرب ما يكون إلى فهم الأطفال وطريقة
تعاملهم مع الأمور، إضافة إلى أن محاولة إياد تسليط الضوء على احتمال عدم الوصول
إلى الحلم أو الرغبة وتقديمه إلى الطفل بطريقة جميلة تحمل في طياتها رؤية جمالية
تثقيفية وتدلنا إلى طريقة التعامل مع الطفل في أشياء يرغبها ولكنها خارج احتمالات
الوصول، أي انه يشق طريقا نحو الواقعية من خلال أحداث خيالية، وكأنه يقول أن من
واجبنا الأخلاقي تجاه الأطفال أن نتعامل مع المستحيل وفق ما هو لا أن نحملهم أوهاما
قد تكون مؤذية إن هم تأخروا في فهم استحالتها ليس هذا فقط بل إنه بإمكاننا أن نستشف
من رؤية إياد أن لذة وروعة الحلم في كونه حلما فما عايشه العصفور والسمكة قبل
سؤالهما عن مكان يجمعهما هو غاية في الجمال قاد كلاهما إلى الاهتمام بالأخر
"ويتحدثان إلى أن يحين موعد النوم" هذه العلاقة الخيالية هي ما أعتقد أننا مدعوون
إلى تكريسها وعيا منا بأهميتها لتفتيح وتطوير مدارك الطفل.
أخيرا اعتقد أن إياد قد قدم شيئا استثنائيا في خاتمة القصة ربما أراد من خلالها
حثنا على تقديم صورة حقيقة كاملة غير مشحونة بالأمل الكاذب "الوهم" وإن نحن عملنا
وفق هذه الرؤية قد نجنب أطفالنا إحباطات كثيرة لذا علينا تأسيس وعي الحلم والتعامل
مع جمالياته وقدراته موضحين حقيقة أن مكانه الأفضل في قلوبنا وأن الواقع قد لا يتسع
له.
ثق بالحلم حلما واعرف الممكنات.
أعتذر من الصديق إياد إن أنا أخطأت في فك دلالات قصته الجميلة أو أسقطها على غير ما
تحتمل.