أسرار الكيمياء
متابع – 30\07\2010
في بلد ما ولد لرجل ولدٌ ذكرٌ؛ كان يتمنى أنْ يُرزق به منذ زمن، كي يحمل اسمه
ويفتخر به أمام الناس، لأنه كان يحسد كل من يكنَّى بأبي فلان..
كبر الولد، ومنذ نعومة أظفاره، دأب الأب أن يعلِّم ابنه ويربيه أحسن تربية، لكن
الولد لم يتقبل العلم... وكان يرفض توجيهات أبيه معتقدا أن أباه لا يريد له الخير،
وأنه يستخدم سلطته الأبوية بشكل يحرمه من حريته وينغِّص عليه حياته.
لم ينفك الأب عن مطالبة الابن الغالي أن يأخذ أمثلة من أبناء الناس الذين نجحوا؛
واستطاعوا أن يبنوا لهم مستقبلا..
كان جواب الابن دائما بأنه أفضل هؤلاء جميعاً، وأنَّ باستطاعته أن يصبح ثريا؛ لان
بمقدوره أن يحول الرصاص إلى ذهب.
ومع مرور الوقت انعدمت الوسيلة لدى الأب لتقويم اعوجاج ولده الوحيد، الولد الذي عقد
عليه آمالا كبارا.
وذات يوم شكا الأبُ أمر ولده لأحد الأصدقاء، وبدت عليه المرارة وخيبة الأمل... فقال
له الصديق: هل تترك لى الأمر؟، قال الوالد: كيف؟ أجابه: لا عليك احضره لي في الغد
واسمع ماذا سأقول..
وكما يقال، الغريق يتمسك بقشة... ففي اليوم التالي احضر الأب ابنه حسب الموعد،
واستقبلهم الصديق بالبشاشة والترحاب موجِّها اهتماما ملحوظا للولد، وقال موجها
الكلام للأب وعيناه تنظران للابن: "لديك ولد يبدو عليه الذكاء... وباستطاعته أن
يفعل المعجزات". ارتاح الولد لكلمات الرجل، وبانت عليه علامات الرضا، ثم أكمل الرجل
حديثه: "لدي كتبٌ إذا ما قرأ أحد منها وفهمها يصبح بمقدوره أن يحول الرصاص
ذهباً"...
زاد انتباه الولد وظهرت عليه علامات حب الاستطلاع، وبدون تفكير قال: "أنا أريد أن
اقرأ هذه الكتب"، قال الرجل: "لكن المهمة صعبة يا بني"، أجاب الولد: "لا عليك"...
إذاً اتفقنا، سوف تحضر يوميا إلىَّ هنا لتقرأ في كلِّ يوم بضع ساعاتٍ، لأنني لا
اسمح بإخراج الكتب من البيت... قال الصديق.
وافق الأب على هذا أملاً بأن يكون هذا الشفاء لولده، وبدأت مسيرة الابن مع القراءة
والاستفهام كلما صادفه غموض وعسر فهم... ومرت الأيام، وأخذت تظهر على الولد علامات
تشير إلى استخدامه لعقله بشكل منطقي وعلمي، يناقش ويحاول أن يجد الأجوبة بنفسه.
مضى عام ولم يشعر الولد بالوقت وهو يمضي.. أكمل قراءة الكتب وصقل عقله وتفكيره
وتحسنت أخلاقه، وذات يوم توجه إلى الرجل الذي تكفَّل به. وقال: "ليس هناك ما يشير
إلى أنَّ الرصاص يمكن أن يصبح ذهبا"،
قال الرجل:"وكيف عرفت؟"
اجاب الولد: "لأنه مستحيل"
ضحك الرجل وقال: "لكنه بالفعل حدث..."
تعجب الولد وسأل مستهجناً:"وكيف هذا؟
أجابه الرجل: "ألم تلحظ أي شيء تغير فيك... ألم يكن عقلك مجرد معدن؟ إنه الآن يلمع
كالذهب بفعل العلم..."
شكر الولد الرجل وعاد إلى والده ليريه سر الكيمياء!!!