سحر غجرية !!
جيانا مرعي - 30\08\2010
فــي غـــربـة الــلهفــة، تــشتت الفكرة، لــوعــة الكـــلمة وجـنون النــظرة، غجريـة سمــراء اللون، تـتَبختَر على رمال الصحاري الدافئة. تـتمــايـل بخــفــة، وفي عروقها يتغلغل النبيذ المعتق. يــتَمايـل خصرهــا كنــغمات الموسيقــى. تـتبختر كالأميرات. وكـأنــها أميــرةٌ ولا أَحــد سواهــا. فيها تتجسد حواء بكبريائها الملوكي.

بِرائحتها العبقة بِخـليط من البهارات الهنديـة وِاليانسون والزيزفون المجفّف. بعينيها السوداوين المكحلَتين بذلك الكحل العربي. وتلك الجفون الرفيعـة التي يختبئ خلفها الخجــل. يختبئ خلفها سحر الغجريات. سحر مـن العــصور الوسطــى أو من عصور الإغريقِ. سحر الغجريات الذي لــيسَ بمقدورك مقاومته أبــداً. ذلك السحر الذي يحتلك ويتملكك بدون مقاومة.

بعفويتهــا وبراءةِ ملامحها المثيرة بالوقــت نفســه. بسمرتها البرونزية التي تتشابه مع ألوان سنابل القمح. بنظراتها الشقية، تُراهـــا حزينة الملامٍح. بعيــدة التَفكيــر. شاحبــة اللون. ملامح تملؤها القوة. نظراتٌ بمقدورهــا فعل انقلاب بين الجنــة والنارٍ.

تتبختر بفُتنة لا تُضــاهيهـــا فتـــنة. يتمايل خصــرُهــا الذي تتدفقُ منه الأنوثــة. يتمايل عــلى أنغــام ألف ليلة وليلــة.

حتى الشمسِ ذهلت لسحرها، وبدأت تتلمسُ جسـدها بأشعتها. فشفتــاهــا تَتَــشقق عطشــاً ولذّة. والعرقُ يتسرُّب من عنقهــا ببطءٍ. يمــرُّ عــلى خلايا كانت في سباتٍ. يوقظهــا. يتغلغلُ فيها. تَــترنَحُ عــلى الرمالِ وتتركُ خلفــها أثار أقدامها المُلتهبة، وتحتلُّ ملامحها قوّةٌ وعنفوانٍ، وكأنها لبؤةٌ بمفاتنِ شرقية وأنوثةٍ غجريـة، مُتربصة ومنتــظرة فريســة مُغرية.
فَـتراها ليست مُتربصةٌ بفريسة، ولا حتى بغنيمةٍ تـتحَضّرُ لإفتراسها، إنما تتربصّ بلحظةٍ بعيـدةٍ عن شــيءٍ اسمهُ عرب حمقى، لشيء تـمشي بعروقه دماء عربية، بعيــدة عــن قيــودٍ وحواجزٍ خلقتهــا أمةٌ مريضة مُتزمتة.

للحظةٍ، بمدى واسعٍ تطيرُ به بلا رادع، فوق الغيومٍ تعيشُ الجنونٍ، تتحررُ من كل قيودٍ. تعيشُ بروحها هي، بأنوثتهــا هي، تكون لمرّةً واحدة ما تُريدُ هي، وليسَ ما يُريدونَ لهـــا أن تَكون.

تطيرُ من عالمٍ لترسـو في عالمها وكيانها. كيانها الغجري. فتبقى غجرية بملامحها الساحرة.