قمر على باب الشام
اليوم الثالث للمهرجان
مجدل شمس\الجولان - جولاني - 03\10\2010
هي مسافة قليلة لا تتعدى الأمتار، لكنها في عالم الاحتلال تحولت فيه الجغرافيا
السياسية في الجولان المحتل الى علامة مميزة، حاسمة يكتنفها الحيرة وعدم اليقين
والشك والابتعاد عن سمات الانسان وحقه المقدس في الحلم، مسرحية قمر على باب الشام
التي أنتجها مسرح عيون في جمعية جولان للتنمية. قصة صديقين كبرا وكبرت معهما
أحلامهما منذ الطفولة على واقع الاحتلال، وقصة وطن لم يعرفوه يوماً سوى حكايات
وأشجان وأمال، ووحدها الأسلاك الشائكة والألغام الارضية ودوريات الجيش
الإسرائيلي،كانت دائرة محكمة تصون الوطن في أذهانهما...
لم تمتلك مسرحية قمر على باب الشام الا ان تكون بوابة لبحر طويل من التساؤلات
الوجدانية والفلسفية والاجتماعية المعقدة، التي تقتحم حياة الجولانيين دون ان
يدركوا انها لا تزال تساؤلات،تمس وجودهم وكيانهم، وتهدد هويتهم، فسنوات الاحتلال
الطويلة وكل أشكالها التي رافقت حياتهم غدت ورغم ما تشكله من خطر على وجودهم
ومستقبل أجيالهم الثقافية، تتحول إلى قضية روتينة، اعتيادية. حيث لا يمكن لنا ان
نكون عفويين في التعامل مع واقعنا دون معرفة ووعي المرتكزات الأساسية التي تشكل
محورا مهماً في تحديد ذاتنا الوطنية، كشعب يرزح تحت الاحتلال، وفي كيفية التعامل
معه. وان كانت قصص الماضي والحكايات المتوارثة والمنقولة تشكل متكئاً اساسياً من
نقطة الزمن الحالية في رفضة، إلا انه ما يزال ضرورياً ان يحاكي الوطن فينا ويجسد
بعضاً من ملامسات وعلامات وجوده بيننا وفي داخلنا، فلكي تصبح بعضاً من فصول الحلم
حيةً فينا لابد وان نسعى إلى خروجه من الدائرة المغلقة..
احد الاخوة النازحين داخل الوطن كتب قبل عدة اشهر في إحدى التعليقات على مسرحية"
قمر على باب الشام بعد ان قرأ وسمع وشاهد بعضاً من تفاصيلها " حين شاهدت وقرأت بعض
تفاصيل المسرحية استحضرتني نكسة حزيران التي اخترقت اجسادنا واقتطعت احلامنا، وزادت
بؤسنا ،واعتقدنا ان الشجرة مهما كانت اغصانها قوية، فانها تموت حين تُقطع جذورها،..
لكنها في الحالة الجولانية تتجدد وتبقى واقفة لتنشر في محيطها بذوراً جديدة"
لقد خطى المشهد الثقافي في الجولان المحتل، من خلال غرازة الانتاج، وتسليط الأضواء
على الجروح فينا، خطوات هامة في بناء حالة فكرية ثقافية لا تقل أهمية عن الأشكال
الأخرى لمقاومة الاحتلال. وأعتقد أن مسرح عيون- الجولان للتنمية نجح بترسيخ هذه
الحالة، وهي جزء مهم من هذا المشهد يقول الكاتب معتز ابو صالح عن المسرحية، فالجمال
لم يمت فينا رغم كل ما مر ويمر على الجولان من استهداف اسرائيلي من جهة،وإغفال
وإهمال وتقصير من جهة ثانية.
من جهتها قالت امال قيس مخرجة المسرحية "لقد تواصلت مع الحالة الإنسانية في القضية،
فالقضية الإنسانية التي طرحت أتت بباقي الأمور التي نتعايش معها يوميًا بشكل عادي،
كالاحتلال والحدود، الأمور المخيفة والتي لم تعد مخيفة؛ كذلك الجانب الإنساني
للصداقة والتعلق ببعض، والفراق فيما بينهم، اللي رايح على الغربة والتي هي الوطن؛
وتسمى غربة بوجود الاحتلال".
مسرحية قمر على باب الشام( التي يغادر احد ابطالها "جابر ابو جبل قريبا الى الشام )
عكست حالة جولانية وجدانية خالصة، تسلط الضوء على الواقع المعاش يومياً من خلال ما
أصبح يُعرف بقضية طلبة الجولان الدارسين في جامعة دمشق، وما تشكله من عبء إنساني
واقتصادي وعاطفي على كل العائلات الجولانية في الجزء المحتل من الجولان، وعلى
الطلبة المغادرين من الجولان، تاركين أوجاعهم وذكرياتهم، وأحلامهم البريئة التي تقف
هنا بين حقول الألغام والأسلاك الشائكة الإسرائيلية التي تحول جيل جولاني بأكمله
إلى حالة أسيرة تتقيد فيها كل الطموحات.
مسرحية قمر على باب الشام:
مهرجان الجولان للثقافة والفنون
تمثيل جابر ابو جبل -مجدي ابو جبل
تأليف: معتز ابو صالح
اخراج وتصميم : امال قيس /ابو صالح
تأليف موسيقى: ريمون حداد
تنفيذ ديكور : حاتم السيد احمد