المهرجان الثقافي في يومه السابع: مسرحية هبوط اضطراري لسلمان ناطور - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني

المهرجان الثقافي في يومه السابع:
مسرحية هبوط اضطراري لسلمان ناطور

الجولان - جولاني - 07\10\2010
من حظي يوم أمس بمشاهدة مسرحية هبوط اضطراري للكاتب والأديب الفلسطيني سلمان ناطور، التي أدى دور البطولة فيها كل من الفنانين عماد مزعرو وحسام ابو عيشة، من مسرح حكايا في رام الله، يدرك أن التغريبة الفلسطينية لا تزال الجرح العربي المتقيح في ذاكرة ووجدان كل أولئك المتمسكين ببقايا الحلم الفلسطيني، الذي انتهكت حرماته مرةً من قبل العدو، ومرات ومرات من قبل ذوي القربى - وظلم ذوي القربى اشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهنّد..

سلمان ناطور مؤلف المسرحية يكتب ويوثق الذاكرة الفلسطينية من خلال عشرات المؤلفات الأدبية والروائية والبحثية، في محاولة لصون الذاكرة من الضياع، في عالم تنتشر مناهج التجهيل وتثبيت العدمية والجهل بالحقائق والتاريخ والوقائع، التي تتحول إلى مجرد ذكرى أليمة عابرة للذكرى الأشد ألماً التالية، بدءً من مشروع اختيار ارض الحلم الفلسطيني كمكان لتنفيذ المؤامرة الكبرى، مرورا بالتهجير والتشريد والنكبة، واستحداث مصطلح النازحين، وأحداث النكسة، وليس انتهاءً بالتسوية السياسية التي اختزلت الحلم إلى وطن، ومن ثم إلى كيان ذاتي وسلطة وطنية تتقاذفها الحكومات الإسرائيلية والأمريكية المتعاقبة في الملاعب العربية الهزيلة...

سلمان ناطور يحمل مخزون الذاكرة الفلسطينية في إحدى أروع أعماله الأدبية "هبوط اضطراري"، التي كتبها عام عام 1999, يتحدث فيها عن شقيقين احدهما بقى في وطنه، داخل إحدى مناطق الجليل الفلسطيني، والثاني مناضلاً هرب من فلسطين لينضم إلى صفوف الثورة الفلسطينية في الشتات، لتجمعهما غربتهما في إحدى العواصم العربية العريقة، بعد غياب قسري استمر أكثر من 40 عاماً، ويتحول الحق الإنساني والاخلاقي في اللقاء إلى لعبة سياسية عبر تحقيق واستجواب أجهزة الاستخبارات في إسرائيل، وجهاز الأمن في الدولة العربية، كوجهين لعملة واحدة لا تختلف الا بالمزيد من الخوف والرعب من بقاء الفلسطيني... فلسطيني يحمل وطناً وقضية..

لم يخف العديد من المشاهدين وخاصة أولئك الذين عايشوا نكسة حزيران، وعايشوا مراحل النضال الوطني واقبية التحقيق، وما أفرزته سنوات الاحتلال من مأسي وجرائم بحق الانسان ، قربهم من النص الرائع والمتميز من أحداث المسرحية، وإحساسهم بأنها تروي مآساتهم هم أنفسهم، ومأساة العائلات الجولانية المشتتة بين ضفتي خط وقف إطلاق النار، إحداها في الجزء المحتل من الجولان والأخرى في الجزء المحرر منه..

سلمان ناطور الإنسان والأديب والكاتب، الذي عرفه الجمهور الجولاني خير معرفة خلال أحداث سنوات الثمانينات وفرض الجنسية الإسرائيلية على مواطني الجولان المحتل، وما تلاها من فرض حصار عسكري على سكان وقرى الجولان، كان خلالها صوت الجولانيين الحر، الذي سما وعلا مع أصوات رفاقه الأحرار في الحزب الشيوعي والتقدميين والمناضلين الفلسطينيين في أرجاء فلسطين كلها، لكسر الحصار عن أبناء الجولان المحتل، فاعتُقل وسُجن ولوحق مراراً ولم ينكسر ولم يتراجع، واعتاد أن يقول: "دائماً لقد غردت خارج السرب ولم أزل، ولم أتأسف رغم الاعتقالات التي تعرضت لها كوني انتمي للحزب الشيوعي في حينه، لكن لاحقوني وسجنوني فازددت تمسكا بالتزامي".

قبل أيام قليلة شارك الكاتب سلمان ناطور في حفل افتتاح مهرجان الجولان للثقافة والفنون، وقد التقى مع عدد من رفاقة وأصدقاءه على هامش المهرجان في الجولان المحتل، واهتم بكل التفاصيل الصغيرة للمهرجان، حيث علق قائلاً: يتمنى المرء أن يبقى هنا ليلامس حريته وكبريائه أكثر، تلك الحرية التي لا تزال تحوم في السماء العربية تطلب الهبوط حتى وان كان هبوطاً اضطرارياً.

سلمان ناطور: أحباءك في الجولان المحتل لا يزالون يحملون الحكاية التي لم تنته بعد، وما نسينا بعد، لأننا إن نسينا ...ستأكلنا الضباع المنتشرة من حولنا ...