لقاء في الظلمة
مسعود الجولاني – 23\01\2011
في ذلك المكان الهادئ وفي نفس الركن المظلم، اعتاد أن يحادثها، يسامرها ويبادلها
نظرات الإعجاب. وكلّما تكرّرت بينهما تلك اللقاءات، كان يتجاهل بعضا من وقاره، وكان
يرقبها تخلع شيئا من حيائها. وهكذا رويدا رويداً.. قصرت المسافات، وأمسى الغزل
مجوناً، وغدا التكتّم مفضوحا.
ولكن في هذه المرّة تبدّلت الأحوال وغار المنوال، حيث كان اللقاء حيّا من لحم ودم،
وكانت دقّات قلبه المتسارعة، والتفاتاته المتوتّرة، تثير هاجس الريبة والشبهات.
ربّما لأنّه اللقاء الأوّل الذي تحضره هي.. نعم لقد بات الحلم حقيقة.
لقد تزاحمت الكلمات على لسانه، حيث اجتاحته أفكار مبتكرة، تراوح في المساحة الضيقة
ما بين سحر العينين وحرارة النهدين. ترى، هل سيستجدي المقدمات ريثما تتضح الرؤيا؟
أم أنّه سيغامر بكشف أوراقه دفعة واحدة، دون تمهيد؟ ولكن,لمَ العجلة وقد طابت له
الأجواء، فالوقت موات والمكان المنعزل بعض الشيء مناسب، والمتواجدون قلّة قليلة
يشبهونه إلى حدّ ضمان السرية، وكل ذلك موشّح بظلال الليل المعتمة.
ما كان ليشدّني ذلك اللقاء لو كان كغيره من المشاهد العابرة، التي اعتدنا رؤيتها في
كثير من الأمكنة، ولم يلفتني لأنّه موعد يجمع جليسين مختلفين، فعلى جبينه لمسات من
الهدوء والرصانة، وفي كلماته عصارة الأيام الخوالي، في حين أنّ نظراتها المغرية
وشفتيها اللتين تقطران بخمر الرغبة، توحي لك أنّ نديمها المنتظر قد يكون عبثي
المظهر، بحيث يتسنّى له التفرّغ لمداعبة شلال شعرها... ولكن، أكثر ما استحوذني أنّ
المشترك البارز بينهما، هو ذلك اللمعان في بنصر اليد اليسرى.