لوحة
الفنان حسن خاطر المستوحى منها النص
تأملات في لوحة فنان
فارس القلعاني – 24\01\2011
عذرك أيها الفنان الكبير، فتشت بموقعك لأبحث عن تلك اللوحة، فلم أجدها، فأعددت
رسمها بمخيلتي لأخطها بريشتي الخاصة بلون واحد بين حروف الكلمات. أستأذنك لأنني لا
أستطيع أن أستوفي معانيها كاملة، فعبّر شعوري الكامل بجزء من لوحة أسمى من الكلمات
لتنطق ألوانها بالواقع...
في قصتي لوحة وفي لوحتك قصص .
ينهض فيوقظ الديك من نومه ليصيح، يمشي خلسةً خشيةَ إيقاظهم من أحلام ينعمون بها ليلاً،
يحمل نصف حصته من زاد، ليودِعَ النصف الآخر فوق حصتهم، وبيده الأخرى
يحمل حصتهم وحصته
من المعول والفأس، يلقي بنظراته على وجوه باسمة خالدة بأحلام عودته، ويبصم بشفتيه
على جبهة ناعمة ، تقاسمه العطف والحنان بصمات شفاه مشققه... يستدير خلفاً لتأخذه
خطاه إلى باب خشبي موصود بلوح ملأته التصدعات، مثبت بطرفه، فيرفعه بيد مثقلة حول
محور، ليفتح الموصود ويعلو صوت صدأ المفاصل، ويبتعد الحاجز عن ثيابه.. يخرج ليودع
القمر يساراً، ويلتفت يميناً لملامح وجهٍ مبتسم خلف نافذة، يودعه بين خيوط نور
القناديل الخافتة، يتركه خلف خيال الزجاج ليمحو بتنهيدة العشق نجمة الفجر، ليصل إلى
رصيف الانتظار، فيقف بداخل لوحة فنية، تحفة سلبت ألوانها من ألوان ما قبل الصبح،
لتمتزج بألوان أجساد صُبغت بأشعة الشمس، برونق الجمال والعز...
أجساد اعترتها ملابس مليئة بغبار ممزوجة بعرق الرجل ورائحته، لتقف استعداداً ليوم
طويل ملؤه الأمل...
يُمسك بلطفٍ وعطفٍ بيد ابنه الصغير، ليتواصل معه بحبه، وفجأةً يصحو ليرى فأسه بيده،
يقف بجانبه مرتعشاً من قسوته عليه... هناك بجانبه شخص آخر يعيش على صرخات تألم
مطرقته ليرحمها... وذلك يجلس مضمراً بأحلامه، محتاراً تارةً وشارداً أخرى، يُفكر
متكئاً باحتمالات نهاية حلم لم يكتمل، تركه تحت غطائه النحيل الدافئ... ذلك يدعو
للسماء بنظرات خاطفه بين الانتظار والأفكار، يدعو ليتحقق حلم طفله في لعبة بنهاية
اليوم، وهذا يفكر بلذة طعم زادٍ، يستلذه متطفل، ولم يذقه لسانه، وفي الخفاء مناجل
تعالى أنينها لتقتطع لقمة العيش.
أجسادٌ جميعها سُقيت كالفولاذ، من أيام الشمس الحارّة بطولها، ومن البرد القارص
وقسوته بطول أيامهم، ليعودوا ليلاً، لينعموا بلطافة ودفئ عش أطفالهم...
أراهم بوشاح بقي من ارث الأجداد، بقبعة مكسيم، بمعطف الأحدب، وبأنفاس "عجبت لامرئ
نام جائعاً ولم يستل سيفه".. وإذ بأصوات تعلو من خلف لوحتك، أعادت لي الرشد، لتتجمد
الشخصيات أمامي، في إطارٍ خشبي يحضن لوحتك، وأترك أحلامهم لأمضي بين ألوانك الجذابة...
أيقظني صوت الصرخة. قطرات دمٍ من أسلاك شائكة. أيقظني صوت صخور نطقت بألوانك
الجميلة... صهيل خيول بالمعارك، ووميض سيوف فرسانها...
أيقظتني قيود أسير ينده للحرية.. فمزيد من أحجياتك الخالدة، لتحتار بما تكتبه
الأقلام...