جسدٌ مهزوم..
زهرة نيسان - 23\02\2011
كان جسدها يرقص فرحاً.. وجهها يضيء حباً.. ووقتها متوقف عند الثانية عشر..
أَلغتْ كل مواعيدها.. وأوقفت مشاريعها الكثيرة.. ولم تُبقى أمامها إلا الثانية عشر..
تلك الليلة لم تنم.. لكن لهذه الليلة سببٌ مختلفٌ أيقظ أركان جسدها المحمّل بشوقها..
تغمض عينيها عاجزة إلا من إعادة شريط الذاكرة الأخيرة.. أو لربما ذاكرتها الأولى..
أكانت هناك حقا؟ أم أنها كانت تحلم.. تستعيد لقطة أحبتها.. تشعر بألم لذيذ يكبل
أطرافها المترنّحة في السرير.. تستنشق عمداً أطراف سترتها وتلتهم بقايا عطرٍ احتل
قميصها مضيفاً لوناٌ جديداً فيه.. إنها لم تكن تحلم هنا كل شيء يذكرها.... سترتها..
يداها.. وخصلات شعرها الفوضوية بإتقانٍ غير مدروس..
إنها الواحدة بعد منتصف الليل.. لماذا يمر الوقت بارداً هكذا.. لماذا الساعة متوقفة..
هل ينقصها شحنٌ مثلاً؟ أم أنها عَقدتْ صفقةً وإيّاه من أجل حرقها في انتظار الخلاص؟
تتذكر: - لم أطلب منك أن تحبيني!
أكان يعني ما يقول؟ ولماذا تصرفت وكأنها لم تسمع؟ ها هي سَمعتْ إذاً !! ما الذي
يجعلها تتجاهل هذا الكلام العنيف؟ أكلُّ هذا من أجل الحب؟
تنهدت بألم: آه منك يا حب.. ما الذي فعلته بي؟
تنظر مجددأً إلى ساعتها إنها الخامسة صباحاً.. إن الوقت مبكرٌ جداً.. لكنها لم تعد
قادرة على الانتظار أكثر.. ماذا تفعل؟ الوقت يمضي بطيءاً وهي غير قادرة على النوم
ولا فعل أي شيء آخر سوى التفكير فيه..
بقيتْ سبع ساعاتٍ إذاً.. فكيف تقضيها؟.. أمسكتْ يدها اليمنى وأخذت تتأمل خطوطها
المتشابكة المبعثرة.. خيّل إليها أن تلك الخطوط رسمت مُذ لامستْ أصابعه كفاها بحنان..
مسكينةٌ هي.. لم تعد تذكر حتى اسمها.. هي تذكره هو وتذكر تفاصيل جسده الممتلىء حين
لامس أطراف جسدها المتعطّش الخجِل.. تذكر حرارة رغبته فيها وتذكر عطره المثير..
وساعة الثانية عشر.. ليس إلا..
ساعة تليها أخرى تمرّ ببطءٍ.. أبطء من المعتاد.. ونارها تحترق.. وتحرق عقارب الساعة
المثقلة بالهم..
بدءتْ كرات الانتظار تنزاح شيئا فشيئا من على صدرها.. حتى دقت الثانية عشر.. الهاتف
لم يصدر نغمته الخاصة التي وضعتها لأجله.. دقيقة مرت.. اثنتان.. ثلاث... خمسة عشر!!
توقفت هنا دقات قلبها فخطفت هاتفها.. لم يكن معطلا..
لم تعد قادرة على تحمل نار الانتظار أكثر..هاتفته.. كعادته رد قائلاً: سأعاود
الاتصال بك. ولم يفعل..
لم تعادل الأثقال التي حملتها اليوم تلك الاثقال التي أغرقتها البارحة.. تشعر اليوم
بألم غريب.. بثقل يجتاح صدرها.. حزن يمسح وجهها.. ودمع ينساب مطرا.. من عينيها
اليائستين مندفعاً بقوة تيارٍ شتوي ليصبّ في منبع أنوثتها..
تحاول عبثاً مسح الدموع من على وجنتيها.. ذقنها.. رقبتها.. تحاول أن تنام قليلاً..
تتقلب من جانب لآخر.. تحتضن وسادتها.. تشتم رائحة عطره المختبئة بين أصابعها..
تُغمض عينها فيعود ليحتل ما تبقى من عقلها..
تتذكر بحرقة:
- علميني كيف أقتحم باب صفحتي دون أن يلحظني أحد؟!!
أكانت هي الغبية تعلمه كيف يختبئ منها.؟ يا لسذاجتها البسيطة..
أهذا أنت يا حب! متعب.. مؤلم.. مثقل بالهم!!
نهضت بحزن.. أمسكت هاتفها.. وبيد مرتجفة.. خائفة مسحت رقمه.. تنهدت بألم: لا داعي
أن تختبئ مني بعد اليوم..