بجانب الصخرة هناك
هشام خاطر – 27\02\2011
خرج من بيننا ووقف على الصخرة هناك ليكشف لنا سراً كان يحتفظ به طوال اليومين
السابقين . . قال بأنه لم يدر هل إن ما رآه كان خيالا جميلا تحول إلى مسخ قذر فور
ملامسته الهواء، أم إنه كان حقاً سبباً في ارتجاجه المفزع أمامنا. بعضنا ترك
الحكاية في صوته المتدلي على شفتيه المرتجفتين وابتعد، ونحن بقينا ننتظر النهاية
التي كانت تبتعد عنا هي أيضاً لما أحدثته تلك القصة المجون من صدمات توالت ترطم
عقولنا الصغيرة وقدراتها على تسويغ ما لم يكن لتحتمله الحياة أصلاً.
"عن ماذا تتحدث أيها الأبله السقيم!؟"
صرخ أحد أصدقائنا في وجهه وهو يرتعد لسماعه أن الفتاة في القصة كانت تبيع الملح
لأحد القتلة المأجورين الذي اعتاد تدليس ضحاياه بملحها قبل إنفاقه الروح منها . .
ركضنا نحوه نكمم فمه كي لا يفسد علينا النهاية، وطلبنا الاستماع لما تبقى له من
قصته التي كانت تعيد إلينا ذكريات لم تكن بعيدة عن مدرس الرياضيات الذي وقع من أعلى
شجرة الكيناء التي تسلقها من أجل التقاط الكرة لأبنائه، ليبقي ذلك المسكين يحلق في
السماء ينظر بأسى إلى جسده الملقى على الأرض أمام زوجته وأبنائه.
كانت الحكاية كلما اقتربت من نهاية ما، دخلتها شخوص جديدة لأحداث جد شيقة كانت تدفع
مسرعة نحو نهاية أخرى لم نتوقع وجودها في قصة قاربت تفاصيلها حكايات الريح وتلك
الفتاة التي فقدت والديها وعاشت حياتها تبحث عن شخص كان عرف والدتها التي قلدتها
صورة لها، ولتدرك لاحقاً بأن أحداً لم يرها يوماً وبأنها جاءت بها في زيارة ثم رحلت
بعد أن تركتها عند باب لأحد الصاغة في المدينة.
ارتجل صديقنا من على تلك الصخرة بينما كنا لا نزال نشده حلوقنا وننتظر النهاية . .
مشى إلى بُعد خطوات عنا ويسقط على التراب منهياً بنفسه الحكاية التي بدأها هو معنا
عندما كنا صغاراً نضحك على شعره المتناثر فوق رأسه الطويل.