الحبل داوود الجولاني - ارشيف موقع جولاني
ַבּזבַה דז ּזבַהם ַבֵבֺׁזהם


الحبل
داوود الجولاني - 12\05\2011
"هي مجرد درجات من إسمنت ،ُصب فوق حجارة سوداء لمنزل حجري قديم، لَبست حيطانه، الحجارة البيضاء، فبان للنظار ناصعا ونقيا".
قالها له صديق، وأكمل: "فاصعدها ورتب كلماتك لتنطقها الحنجرة بسلاسة شربة ماء.. ودع ما يجول في قلبك..لمناسبات الليل.. وللسمر في دواوين الشعراء.. قلها هي كلمة واحدة وادخل جنتهم... وإن أردت فستكون حاجب مُلكهم الأول..."
فأجاب: وإن لم أفعل
- سيرمونك بلعنات أشد من الريح نحو هاوية قد لا تصعد منها أبدا.
- حبل سينجدني من الهاوية
- حبل ماذا؟
- حبل الصمت أجدى من الكذب
- ومن لا يكذب اليوم؟ فقط المغفلين! فالحكمة تكمن في مدارات أصحاب الشأن، ففيها الصحبة وجمعة الخلان ووفرة المأكل والشرب...
- دعني أفكر
- لك ذلك.. ولكن الفرصة لن تواتيك كل يوم.. لك بعض الساعات وسأعود إليك.

أمام دهشته من المساء المفعم بأفق وردي..نام في كرسيه المطل على السحاب الشفاف تحت ورد الأفق الشرقي.. فحلم بجنة مجدولة بالأشجار والأنهر.. كأنها رأس أمه في صباها... وتجول في دروبها فرأى صاحب دكان طالما زور في دفاتره وزاد الحساب، يعد نقوده ويشكر الله.
وشاهد إقطاعيا يمشي في السهوب يعدّ كم فدان يملك.. ثم يضع الوتد الحديدي في أرض جاره ويحمد الله.
وشاهد رجلا مرضت زوجته يسترق النظر لأقدام فتيات صغيرات زينت بالحناء... ويستغفر الله.
وشاهد أمام باب قصر ،ثريا يقبل يد السلطان ويدس في جيبه حفنة من نقود ويسبح باسم الله.
ثم شاهد غزالة ينحرها شبان مفتولي العضلات، يشربون دمها ويأكلون كبدها، ويرمون لحمها للجواري ليحضرون الكبة الشامية.
ما لم يشاهده والشهادة أمانة، أنهار من عرق.
صياح صديقه أفاقه من الحلم لما سأله ماذا قررت؟ هل ستصعد الدرجات؟ لم يعد لديك وقت ،
فأجاب: "حبل الكلام أجدى من الكذب"..