سقوط الزمن
مسعود الجولاني - 21\06\2011
سماء عابسة مرتعبة ,رياح تلهث هاربة ما بين الفضاء والمدى,وجبال تتراقص مترنّحة دون
ملامح فرح تبدو في الأفق...لا بدّ أن حدثا جللا بالانتظار. افتقدت النور ونحن في عزّ
النهار,واستحالت الأغصان عارية وهي في أحضان الربيع,فقد تخلّت أوراق الشجر عن
أغصانها وتركتها ترتجف في مواجهة المدّ القادم. لماذا كل هذا الخوف؟هل هجرتنا
الشجاعة وغادرت حيّنا؟ما أحوجنا إليها في صراعنا المقبل.
وفجأة أطلّ ذلك المجهول وقد بدا لي أنّ فيه الكثير من ملامح الدهر,وها هو يتعمّد أن
يَسقط جزءا منه على الأرض,رحماك آلهة السماء,قد أمسى بيننا كائن يقبع في الحدّ
الفاصل بين البشر والطبيعة,لعلّ الدهر أراد أن يعيّن له ممثلا على الأرض...ومشى ذلك
السفير بخطوات ثابتة وبقامة مرفوعة,ولم يتوقف أبدا عن المسير ولم يسقط أرضا من قبل.
فعندما نثر الفجر حبّات الندى على الورود الغافية,ليكون أوّل من يغازلها صباحا...التفت
ذلك المتلصّص بنظرة خاطفة وتابع المسير. وعند الغروب,عندما راح البحر يرتشف الشمس
ويشدّها إليه- فيغمر نصفها,وكانت هي تعانده بتمنّع العاشقة المنتشية...كان هو يمشي
على الشاطئ ولم يتوقف يوما. وعندما التقيتها,وغرقت نظراتها في جوع عينيّ,وكأنّني
كنت أحتسي الخمر دون منّة عناقيد الدوالي...كان هو حاضرا وقد بان وكأنّه يخطو
بخطوات ثابتة-حسبتها حينها سريعة للغاية. وعندما سمعت صوتها عبر الأثير وقالت لي
بهمس العشق:أشتاق إليك,أفتقدك وأتوق لرؤيتك, كان وقع خطواته تحاكي الخفقان المتسارع
ما بين ضلوعي.
وإذ بزميلي الذي يجلس بجانبي على بيدر السنابل المثقلة بالكلمات, في حضرة لوحة
الثلج والصنوبر,يربّت على كتفي ويقول لي: أين شردت؟ تنبهّت للأمر,أقصيت جموح الخيال
عن المشهد,ورحت أتابع كغيري... وكان أوّل ما سمعته-قصّة سقوط الزمن.نظرت بالحشود
وإذ بي أراهم يهيمون في حلم يشبه ما كنت فيه,قلت في نفسي:ترى,من منّا يعيش الحلم؟