أنت وطني
مسعود الجولاني - 27\08\2011
بالأمس استخفيت بومضات السنين وتعدادها,وهكذا فعلت السنون معي,كانت تمر دون أن
تعيرني انتباها-لا بسمة,لا سلام ولا حتّى التفاتة.وكنت أنا أراها متشابهة مملّة ولو
تبدّلت أرقامها...حتّى أنّي أصرّيت على عدم مجاملتها باحتساب جعبة سنيني في بعض
أعياد ميلادي التي تذكّرتها,فقد رفضت أن أتواطأ مع أرشيف الزمن.
وفي ليلة ظلماء قرّرت أن أكسر رتابة أيامي وأن أخلق منارة أرنو تقبيل طيفها,فرحت
أبحث عن وطن لضجيج همومي-وفي السماء نجوم لامعة تجسّد لنا تاريخا سالفا وفي الواقع
حاضر متمرّد يأبى المهادنة وفي الخيال مستقبل جامح يبحث انكسار نسمة الصباح على
خدّي ورقة التين المعطّرة.
وفي فجر رحلة البحث عن الوطن الحلم,حاصرت آمالي برقعة من الجغرافيا لطالما حلمت
بضمها ما بين شمال وجنوب,ولكنّني بعد نكسات متعدّدة وهزائم متتالية تحوّلت أنظاري
إلى عنوان جديد.فتشبّثت ظنوني في مساحة جسدي علّه يكون وطني المنشود ولكن أعضاء
جسدي لم تتجاوب معي كما أشتهي فقرّرت معاودة الهجرة,فارتحلت إلى أحرف اللغة لربّما
تكون الركن الذي أستقرّ فيه...ولكنّني اغتلت هذه الفكرة مجدّدا عندما صدمت بجبن
قلمي في لحظات عزّت فيها مواقف الرجال...تألّمت وتهت وتابعت رحلتي.
ولكن ما أن صافحتني تلك الساحرة بيمناها وراحت يسراي تستقرّ على الجانب الأيسر من
صدري,تهدّئ من ثورة الجنان وتقاوم طوفان المشاعر,حتّى تسلّل نهر الغرام ما بين
الضفتين وغرق الشجر العاشق في ظلاله الوارفة,فأدركت حينها الوطن الذي بحثت عنه, وها
أنا أتحسّسه بكل جوارحي,بات الوطن يغمرني,يقترب طورا ويبتعد حينا...في قربه توق وفي
بعده شوق,فما أبهاه من وطن ... يترفّع عن كل الصغائر, يتجسّد دستوره العادل ونشيده
العذب ورايته الخفّاقة عندما أحضنك وأخاطبك قائلا: أنت الحبّ والحبيبة والحياة, ما
بين ذراعيك يبحر قاربي وعلى صدرك يتأرجح شاطئ الأمان وفي عينيك يختبئ حلمي الذي
يعشقك حتّى الثمالة.قبل أن تقبلي لطالما بحثت عنك بين صفحات القصص والروايات على
رفوف مكتبتي,فهل يعقل أن أتخلّى عنك وقد تجلّيت ملاكا أمام ناظري؟أنت السعد والوعد
وفي داخلي شغف لأستكمل ما بعد...!