لمثلكم يستجيب القدر
بقلم: ناظم نصرالدين صعب
قال الشاعر ابو القاسم الشابي:
اذا الشعب يوماً اراد الحياة |
|
فلا بدَّ أن يستجيب القدر |
وقال احد الافاضل:
إن لاجسامنا ارواح تحيا بها وهي النفس الناطقة, ولارواحنا ارواح تحيا بها وهي جواهر
الاداب الدينية ونفائس العلوم الاجتماعية.
وفي كل من القولين السابقين نوعان من الحياة وهما: حياة الروح وحياة الجسد.
فلنقرر لانفسنا بانفسنا وبمحض ارادتنا اي الحياتين افضل واكمل واشرف وانفس واقدس
وايهما نختار ونفضِّل.
ولعل ما يلي من القول يساعدنا على القناعة والاختيار.
1. لقد خلق الله سبحانه وتعالى العالم على طبقات اربع. 1- طبقة نباتية. 2- طبقة
حيوانية. 3- طبقة انسانية. 4- طبقة ملائكية لا تبلغها عزائم المجتهدين.
اما الملائكة فقد خلقهم الله عقلا بلا شهوة, وخلق الحيوان شهوة بلا عقل, وخلق
الانسان من عقل وشهوة, وهذه ارادة ربانية ليصح من خلالها العقاب والثواب, فاذا
غلَّب الانسان عقله على شهواته ورغباته الجسمانية كان افضل من الملائكة ومن غلَّب
شهواته على عقله كان أشرَّ من البهائم.
2. قال تعالى: (( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها )), وإن من حق الله علينا ان لا
نستعمل ما انعم به في معصيته, ومن افضل نعم الله العقل الذي يميز لنا الخير من الشر
والايجابي من السلبي, فهل يجوز لنا وتسمح ادبياتنا وديننا وتراثنا واخلاقنا, ان
نتناول المسكرات ونشرب الخمور فنفقد عقولنا ارضاءً لشهواتنا واغضاباً لله ونكراناً
لنعمته ؟! وقد حرم الله الخمر في كتابه الكريم رأفةً بنا فقال: (انما الخمر والميسر
والانصاب والازلام رجسٌ من عمل الشيطان, فاجتنبوه لعلكم تفلحون). وقال ايضاً: (ما
اسكر كثيره فقليله حرام ).
3. لقد فضل الله الانسان على مخلوقاته الاخرى, فلقد خلق الاحياء على ثلاثة اشكال
وهم:
1- المنصوب القامة – كالانسان. 2- والمكبوب – كالخيول والاغنام والابقار وغيرهم. 3-
والمسحوب – كالحيّات والدود وغيرهم.
فهل من اللائق بنا والمقبول علينا دينياً واخلاقياً ان نرد الجميل لله بانتصاب هذه
القامات الجميلة والعقول الجليلة, أن نكشف عوراتها ونستهين بتفضيلها وكرامتها
وقيّمها وعزتها وشرفها ؟! أوليس الانسان قيمةً واخلاقاً وديناً ؟! ام انه لحم ودم
وعظم كالانعام ؟! أولم يقل الله في كتابه الكريم: (المرأة كلها عورات ما عدا وجهها
ويديها وقدميها ). أولم يقل شعراؤنا وادباؤنا كابي فراس الحمداني؟
يهون علينا أن تصاب جسومنا وتسلم أعراضٌ لنا وعقولُ
فلماذا نتعمد المعصيه لصاحب النعمة ؟! افلا نخشى أن تنقلب علينا نقمة ؟
وهل نحسب أن الجمال في السافر من اللباس والكاشف للعورات الذي يحط عند الناس من
القدر, ويحرمنا عند الله من الاجر؟! افلا نعلم (ان الفتاة الفاضلة هي كنز ثمين
تستخرج من كل لحظة جوهرة ثمينة) ؟
ولشبابنا وابنائنا الغوالي جميعاً اقول: إن لاسلافكم المرحومين مواقف جهاد في
الدفاع عن الكرامة والشرف والارض والعرض فلا تبطلوها, وسيرة حسنة في التمسك
بالفضائل والخصال الحميدة فلا تعطلوها, (( فلن يُفلح من يسره ما يضره )), واعلموا
((أن الدنيا مزرعة للاخرة )), والدنيا زائلة والاخرة خيرٌ وابقى.
والى ابناء مجتمعي الجولاني كافة اقول: ليكن تعاملنا مع بعضنا على مبدأ (قوة من دون
عنف, ولين من غير ضعف), فلقد عُرفتم بأنكم رحماء فيما بينكم اشداء على الكفار
والجاحدين.
ولعل من خلال ما تقدم من شرح والعمل بموجبه - معتذراً عن العجز والتقصير الذي انا
فيه- أن يقوى ساعدنا الديني ويشتد عودنا الاخلاقي ويهب الله لنا من لدنّه رحمة, وأن
لا يُزغ قلوبنا بعد أن هدانا ويوفقنا لما فيه خير البلاد والعباد, وعندها نستطيع
القول بعد العمل لـمـثـلـكـم يـسـتـجـيـب الـقـدر