غيـبوبه سريـريه
شمس الغروب - 03\09\2011
اعلنَ الاطباءُ تلك الفاجعه التي حلت بي اليوم ،قالوا انهم قد عجزوا عن ايقاظها ،وانتهت
الحكايه الى هذا المرض العجيب الذي لم يجدوا له دواء.
لم أصدقْ ما حدث فقبل قليل سألتني :ماذا ساحضر لكم غدا من طعام؟قلت لها افعلي ما
تريدين فانا احب كل شيئ من يدكِ.
وقبلها كانت تواسيني ان لا ابكي فقالت مبتسمه انه لا يوجد شيئ يستحق مني دموعي، فهي
تؤلمني وتؤلم عيوني ، فقلتُ لها حاضر يا أمي ساحاول ذلك ولكن ارضي انتِ عني.
كانت الافكارُ تذهب وتعود ، وجسدها الهاوي امامي قد تجمد ولم يعدْ يتحرك ، وعيناها
مقفلتان ولونهما الازرق قد نام تحت ضباب جفونها ،ونامت هي تحت طيف الصمت.
جلستُ قربها واحزاني لم تسعها ممرات المستشفى ،ولا شوارع العالم باسرهِ.
أمي؟ لماذا؟؟ لماذا غرقتِ بكل هذا الصمت؟ وأنتِ تعلمين كم انا احتاج اليكِ، في
الماضي الذي زينتِ به طفولتي، وفي الحاضر الذي احرق بسمتكِ، وفي المستقبل الذي صار
اسود لي ولشمسكِ، لماذا؟ قررتِ وفي هذا اليوم ان ترحلي؟ اما تعلمين انني لا اقدر
على العيش من دونكِ من دون صباحكِ ومسائكِ من دون ان اقبل جبينكِ كلما اشتقتُ الى
حنانكِ ،من دون كفيكِ الحانيتين على قلبي ؟؟
آه كم اشتاقِ اليكِ فاشواقي كثيرةً تحرقني..
كم اشتاقكِ لتحضني بي نفسي وتدفئي بي حناجر صوتي ..
كم اشتاقكِ لتبتسمي امامي وتجعلي هذا الكون يضحك بوجودكِ..
كم اشتاقكِ لتلملمي بي اشلائي المهزومه وتخبئيها معكِ بين صناديق اسراركٍ..
كم افتقدكِ الان فلي الكثير الكثير من الاحاديث لكِ ..الستِ قادرة على الاصغاء فهل
روحكِ تسمعني؟ بعيدة انتِ فلا تسمعين ولا تتكلمين .
ماذا افعل الان فكيف اكمل مشوار عمري من دون اسمك؟من عساه يعلمني معاني الحياة التي
علمتني عليها روحكِ يا غاليتي؟.
هل تذكرين عندما قلتِ لي : لا اريد ان ارى دموعكِ ولا اريدك ان تكوني ضعيفه كاوراق
الشجر ، بل اريدك ان تكوني قويه كجذع الشجر حتى ان قطعوا اغصانكِ وحرقوها ستبقى تلك
الجذور قابعه في قعر الارض ولن تموتْ.
اتذكرين عندما قلتِ : كوني كالبحر كبير وعميق وهائج ، كبير هو عقلكِ وعميق هو قلبكِ
وهائجه هي ذكرياتكِ ، ومياه بحرك صافيه فلا تسمحي لاحد ان يمس امواجكِ ، فابقي
هادئه دائما مهما حدث.
اتذكرين عندما جرحني الحب ماذا قلتِ لي : ليس على وجه الارض شخصا الا وقد جرحته هذه
الكلمه، وانتِ واحده من ابناء هذه الارض فلا تبالي فالايام ستحمل لكِ فرحا اكبر
ولكن ابقى على ارض الواقع ولا تحلقي الى اعلى سماء الاحلام .وقلتِ إن احزاننا تختفي
حين نبدأ باقوى شيئ من داخلنا فكيف ؟وانتِ هو داخلي ونفسي وروحي؟
اتذكرين عندما قلتي لي: ان الحياة اجمل من الموت والصداقه هي حلاوتها ، والمحبه هي
استمراريتها والاطفال هم زينتها ، وغدا افضل من اليوم وامس كان ذاكرتنا ، ولم تعلمي
انكِ انتِ كلهم
ضاقت بي الانفاس واختنقت حنجرتي من الصمت، مسكتُ يديها ووضعت راسي على حضنها ،وبكيت
وبكيت وأجهش صوتي بالآهات ونمت على صدرها وتمنيت ان اذهب معها الى هذا السبات او ان
تيقضني كلمه واحده من شفتيها ولكنها لم تفعل وبقيت نائمه.
هذه هي أمي ولم تكن سوى الخير النائم مع شر هذا العالم،واما انا فكنت ذلك الصدق
الوفي الذي شوهته ايادي القسوه والظلم
وما زلت اخاف ان يصدمني الزمان واغفو تحت امراض القلوب السوداء ،فعبثا تكون محاولتي
للبقاء ، فاغيب مثلها تحت غيبوبه سريريه ولا يجدوا لعلتي دواء ،
فهل لكم ان تنقذوا حكايتنا من الموت لتعود السعاده وترفرف الى اعلى اعلى السماء؟؟