صفحات تنتظر
مسعود الجولاني - 04\12\2011
أسأل نفسي أحيانا كثيرة,هل أتبنّى ما أسمع أم أعتمد ما أرى؟وهل أفضّل حقّا همس
الشفتين أم أقرّ فقط بلغة العينين؟كنت أتردّد مرارا وتكرارا وفي كلّ مرّة كان جوابي
يهجر ركنا ليستقرّ في آخر.
ولكنّني يوم سمعت منها ذلك الكلام حيث أعلنت فيه اغتيال عشرات الصفحات المتبقّية -
حقّا فقد فاجأتني لدرجة أنّني لم أتقن يومها إلّا مهنة الصمت...ولكن ملامح الوجه
كانت تحكي أمورا مغايرة تماما عمّا قيل,ففي حدّة صوتها شجن وفي نظرتها العابسة
مناجاة للعينين لأقترب أكثر وأكثر,وقد دعمت قرارها بمجمل قرائن وأدلّة مرّت أمامي
كشبح في حلم يقظة,فقد اتّهمت الصفحة الأولى أنّها تخفي ضوء قمر يتسلّل إلى نافذة
تأخّرت ستائرها عن الموعد الليلي,وعلّة الصفحة الثانية أنّها زاخرة بالمشاعر
الحميميّة حيث تتراقص عارية في زمن بلا حدود,وأخرى عامرة بإثارة الفتنة بين أحرف
اللغة فتكتب ما لا يجوز أن يُحكى.
وكعادتي كما في كلّ مرّة,أحب أن أسمع كلّ كلماتها وأن يتجمّد في وجداني رسم
نظراتها,ولكنّني لا أظنّها ستقاوم رائحة العطر المختبئ بين الورق...
هي ملائكيّة الروح ولكنّها ترتبك برهة وترتعش حينا وتشبهني أحيانا,فلماذا لا تغيّر
رأيها طالما أن التغيّر والتحوّل صفات بشرية.لعلّها في لحظة تأمّل وفي ساعة صفا
تعود لتبحث عن أحرف و حكايا في صفحات منسيّة من زوايا المكتبة..وربّما حينها أعود
لأنتعش بدفق الحياة.
أيّها البحر الهائج في حيّنا,لن أستجدي منك مهلة لألتقط أنفاسي,لتعلم فقط أنّ أعتى
موجاتك لن تطال براءة الياسمين الذي يكلّلها,لا,ولن يجاري شموخ الأغصان العاشقة
للشمس.