الاقتتال الداخلي
منزلق خطير لا يجب الوصول إليه
سعيد مهنا أبو صالح - 24\12\2011
من منطلق ايماني بان الخلاف الداخلي والاقتتال بين ابناء البلد الواحد هو اخر ما
نتمنى الوصول اليه مهما اختلفت اراؤنا وتوجهاتنا ومهما كانت معتقداتنا وولاءاتنا،
وأنه المنزلق الخطير الذي نريد ان نتحاشاه باي ثمن، اعتقد انه من الواجب على كل من
يهمه حال ومستقبل بلده ان يتوقف لبرهه ويحاول ان يستوعب هذه الحالة من الاحتقان
والتشنج التي وصلنا اليها.
حتى هذه اللحظه كانت مواقفنا الموحده هي قوتنا لانها كانت موجهه ضد عدو واحد لا
خلاف عليه، ولان وضعنا تحت الاحتلال كان لوحده جديرا بتوحيد كل مواقفنا وآرائنا
لانها ايضا كانت تتماشى مع القيم والمبادئ والسلوكيات التي لا غبار عليها، فلا
غرابه ان نقف الان شبه مصدومين امام موقف جديد علينا. موقف يتطلب منا الاختيار بين
تيارات مختلفه ومتضادة لم نعرفها من قبل بهذه الصورة، لأننا كنا نعيش نوعا ما في
حاله فريدة من نوعها لا خلاف فيها (تقريبا) على المواقف العامة. أما الان وقد وصلنا
الى حالة تشبه الحياة الحقيقية التي يجب علينا فيها الاختيار والتضحية من أجل
مواقفنا، والأهم من ذلك الايقان بوجود طرف آخر تفكيره وقناعاته تناقض تماما
قناعاتنا وتفكيرنا، نحاول الان بالجهد الجهيد إنكاره وتصفيته إعلاميا وتشويه صورته
حتى لا يظهر للاخرين و"يفضحنا".
ما أريد قوله، وباختصار، أنني شخصيا، وبعد استيعاب الصدمة الاولى، لا استطيع انكار
وجود الاخر، وأتمنى من الجميع أن يتقبلوا أن البلد للجميع، مهما كانت اراؤهم، وأن
عبارات التخوين والسب واالشتم بعبارات نابية، ووصف الطرف الاخر بأوصاف غير أخلاقية،
إنما تدل فقط على نفسية وعقلية المتكلم، بها وهي مردودة عليه من أي طرف كان. ولكنها
تبقى أيضا حرية شخصية لمن أراد ان يمارسها فليمارسها.
أما الذي لا يمكن السكوت عليه فهو الاعتداء الجسدي، ومهاجمة الاخرين، الأمر الذي لا
يمكن لأحد أن يعرف نتائجه، وإلى أين سيوصلنا في نهاية المطاف. ربما ينتهي بإصابات
وربما أيضا بالقتل. وكل من تسول له نفسه أن يكون مبادرا لهذه الامور يجب أن يعرف
أنه يكسر كل المحرمات، وأنه هو الذي يسير ببلده وأهله إلى الهاوية عندما تحصل امور
لا يمكن تداركها.
الخائن والعميل والمدفوع له ليس من يمارس حقه في إبداء رأيه والتعبير عن رؤويته
وقناعاته بطرق سلميه لا تمس سلامة الاخرين، إنما هو الذي يؤجج العنف ويمارسه ضد
أبناء بلده والذي يدعو له ويؤيده.
دعوننا نترك الزمن ليحكم بيننا، لأنه كفيل باظهار الحقيقة ولو طال الوقت. لقد أصبح
الموالي والمعارض معروفا، وكل يسجل موقفا للتاريخ الذي سيكون الحكم الاخير. ولنتقبل
وجود الاخر لأن أي محاولة لفرض الاراء بالقوة ستكون وخيمة العواقب، وقد تنتهي
الاحداث كما هو مقدر لها أن تنتهي، لكن الشرخ والعداوة التي سنزرعها بيننا اليوم قد
تدوم لاجيال كثيرة، فتوجب الحذر الشديد، وأرجوا من كل الهيئات التي ترى نفسها
قيادية في هذا المجتمع التنبه لهذه الظاهرة الخطيرة.
ملاحظة من الموقع:
تقبل التعليقات فقط تلك التي ترتقي لمستوى الحوار وتغنيه.