«قمر على باب الشام»
على مسرح الميدان
«جولاني» - 22\02\2012
يعرض مسرح الميدان الفلسطيني في مدينة حيفا
العمل بنسخته الجديدة على مسرح الميدان سيكون من إخراج الممثل والمخرج الفلسطيني خليفة ناطور، وبالاشتراك مع الممثلين، الفلسطينيين أيضاً، مكرم خوري وغسان عباس.
وكان خليفة ناطور قد قال، في حديث صحفي له، عن اختياره هذا العمل:
لم يكن اختيار نص "قمر على باب الشّام" صدفةً فقد قضيت أشهرًا كثيرة في مجدل شمس،
في السنوات الأخيرة، أعلّم المسرح لطلاب في مسرح عيون، وتعرّفت فيها على خصوصية
النسيج الاجتماعي والثقافي والسياسي للسوريين في الجولان المحتل، الذي ألهمني
واستفزّني فنيًا، ليجعلني أقرر أنني أيريد إخراج عمل مسرحيّ يجسّد طبيعة العلاقات
الإنسانيّة المعقّدة في الجولان.
تحمل المسرحيّة "قمر على باب الشّام" في طياتها رموزًا ومعاني عالميّة، فبالرغم من
محدوديّة المكان المذكور في المسرحيّة إلا أنه يعبّر عن هواجس ومقاومة شعوب عديدة
على مر التاريخ واليوم، ولا ينطوي فقط على الجولانيين.
برأيي، علينا كشعب أن ننفتح ثقافيًّا على باقي الشعوب لنغني ثقافتنا ونطوّرها كي لا
نقع في مطبّ المحليّة المفرطة التي، وبشكل طبيعي، إذا بقيت مغلقة تبدأ بالتقوقع على
نفسها إلى حد الإنغلاق.
ويضيف خليفة: عندما أخرجت العمل "تاجر البندقيّة" مع طلاب مسرح عيون في مجدل شمس
ذُهلت من مدى ملائمة النص الكلاسيكي المسرحي للهجة وأداء الجولانيين، الذين يتكلمون
في حياتهم اليوميّة بلهجةٍ قريبة جدًا من الفصحى، فكان الأداء رائعًا ولا يبدو
مبتذلاً أو بعيدًا عن لغة وثقافة المتلقّي وكأن شكسبير كتبه خصيصًا لهم. إن هذه
الخصوصيّة اللغوية في الجولان وعوامل كثيرة أخرى خلقت حالةً يتميّز فيها الجولانيون
في أدائهم المسرحيّ النابع من إبداعٍ وثقافة على مدى سنوات طويلة، ممّا شجّعني
لأخرج وأشترك في عمل مسرحيّ نصّه جولاني.
مسرحيّة "قمر على باب الشام" تكشف المشاهد العربي لواقع حياة الأهالي في الجولان
الذين انسلخوا عن وطنهم سوريا عند احتلال الجولان، ممّا ولّد حالات إنسانيّة
واجتماعيّة وسياسيّة "غريبة" ومؤثّرة نتجت من الوضع الخاصّ الذي وجد الجولانيون
أنفسهم فيه. فلسياق نص المسرحيّة علاقة وطيدة بالحالة التي يعيشها أهل الجولان
اليوم، فالكثيرون منهم في بحث دائم عن معنى لوجودهم في هذا المكان، وهم في تخبّط
فلسفي دائم، وهذا تمامًا الصراع الذي تعيشه شخصيّتا المسرحيّة "قمر على باب الشّام"،
فمن ناحيّة بإمكانهم عبور الحاجز الذي يقع أمتارًا قليلة عن بيوتهم وقراهم، ومن
ناحيّة أخرى قد يكون للعبور الفعلي والمجازي عواقب وخيمة لا رجعة منها. يحاول نص
هذه المسرحيّة أن يأتي بالمشاهد ليشعر بـ"إنتماء" إلى مكان بعيد عن عالمنا رغم
قربنا منه، وليس بإمكاننا أن نحتويه، فالمسرحيّة تحمل أبعادًا فلسفيّة وجوديّة قد
يتماثل معها كل أفراد الشعوب المقهورة في العالم، ومنهم الفلسطينيون.
تحمل المسرحيّة "قمر على باب الشّام" في طياتها رموزًا ومعاني عالميّة، فبالرغم من
محدوديّة المكان المذكور في المسرحيّة إلا أنه يعبّر عن هواجس ومقاومة شعوب عديدة
على مر التاريخ واليوم، ولا ينطوي فقط على الجولانيين، فمن عبقريّة هذا النص وهذه
المسرحيّة كونها محليّة ليس أقل من كونها عامّة وعالميّة. برأيي أنه علينا كشعب أن
ننفتح ثقافيًّا على باقي الشعوب لنغني ثقافتنا ونطوّرها كي لا نقع في مطبّ المحليّة
المفرطة التي، وبشكل طبيعي، إذا بقيت مغلقة تبدأ بالتقوقع على نفسها إلى حد
الإنغلاق. وهذه برأيي فرصة ممتازة للجمهور الفلسطيني أن يتعرّف على أبناء الشعب
السوري في الجولان الذين رغم قربهم النسبي منا وانتمائنا إلى نفس القوميّة، إلا
أنهم ما زالوا بمثابة "لغز" بالنسبة لنا ولم ننجح في التقرّب إليهم بشكل كبير أو
احتوائهم رغم خصوصيتهم.