تقرير مايان لابل عن الوضع في الجولان - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


تقرير مايان لابل عن الوضع في الجولان
عن القدس العربي - 16\03\2012
مجدل شمس (مرتفعات الجولان) - من مايان لابل: كان أصدقاء كميل خاطر يتسللون ليلا ليكتبوا شعارات مناهضة لإسرائيل على جدران قريتهم في مرتفعات الجولان المحتلة لكن الحكومة السورية هي المستهدفة الآن بهذه الكتابات على الجدران.
خاطر (35 عاما) هو واحد من نحو عشرة آلاف درزي يعيشون بقرية مجدل شمس التي هي تقليديا معقل لمؤيدي الرئيس السوري بشار الأسد.
لكن الطلبة الذين يدرسون السينما والإعلام هم بين أعداد متزايدة هناك بدأت تشكك في هذا الولاء التاريخي في ظل الحملة العنيفة التي يشنها الأسد على الانتفاضة الممتدة منذ عام ضد حكمه.
وقسم الصراع القرية التي احتلتها اسرائيل في حرب عام 1967 ومازالت تعتبر نفسها جزءا من سورية.
وقال خاطر وهو يجلس في منزله الذي يرى منه الحدود السورية 'نحن جزء لا يتجزأ من سورية. مرتفعات الجولان جزء لا يتجزأ من سورية. نشعر بانتماء وطني وديني لها.
'لكن يجب أن يحمي النظام السوري ابناءه. بدلا من أن يقتلهم... نتحدث عن هذا طول الوقت في كل مكان بالقرية'.
تحيط بمنزل خاطر جبال تغطيها الثلوج والزهور البرية. لكن اهتمامه يتركز على صور اكثر قبحا يراها على الانترنت والقنوات الفضائية من حمص الى دمشق وغيرها من ساحات المعارك في سورية.
تغطي صفحة خاطر على موقع فيسبوك صور القتلى ورسوم مناهضة للأسد. ويقول 'أريد أن أكون صدى للانتفاضة'.
بل إنه جرب القيام بتحرك ما. وعلاوة على الكتابات على الجدران التي يقوم بها أصدقاؤه فإنهم حاولوا ايضا تنظيم احتجاجات صغيرة مما أثار غضب بعض قطاعات المجتمع الذي يزداد انقساما.
وقال خاطر الذي يعمل حلاقا بجانب دراسته 'بعض الناس اخبروني بأنهم لن يأتوا لحلاقة شعرهم في محلي بسبب آرائي'.
أحد المتضررين من تزايد المشاعر المناهضة للأسد ابن عم خاطر وهو وصف خاطر الطبيب الذي حملت جدران عيادته كتابات الجرافيتي.
ويقول 'فعلوا هذا لأنني مؤيد للنظام (السوري). كتبوا 'تحيا ثورة سورية' محوت كلمة واحدة لتصبح 'تحيا سورية''.
وكانت لقطات من سورية لجثث رجال ونساء واطفال بعضها أيديها موثوقة خلف ظهورها والدماء متناثرة على الجدران حولها تعرض على شاشة التلفزيون العريضة بغرفة الانتظار في عيادة الطبيب.
وعرضت قناة تلفزيونية سورية اللقطات وكتبت على الشاشة إن المذبحة من عمل إرهابيين. وينحي الأسد منذ فترة طويلة باللائمة على 'إرهابيين' مدعومين من الخارج في التحريض على العنف وقيادته.
وقال الطبيب 'هل تصدق فعلا أن النظام سيقتل كل هؤلاء الناس ويبث الصور في نفس اليوم الذي تجتمع فيه الأمم المتحدة لبحث مشكلة الأسد؟ سيكون أحمقا اذا فعل. بم سيعود هذا عليه؟'
وأضاف 'أشعر بأسف وألم فظيع حين أرى تلك الصور (من سورية)' لكنه قال إن الدماء تخضب أيدي القوى الغربية وحلفائها بالمنطقة التي تحاول الإطاحة بالرئيس السوري لتعزيز مصالحها بالشرق الأوسط.
ومضى يقول 'نعلم أن النظام ارتكب أخطاء. لكن الموقف بسيط. بشار وافق على مطالب الشعب. ستجري انتخابات في مايو. يجب ان يأتي التغيير من خلال صناديق الانتخابات السورية.. بالقانون'.
تململت ابنة اخته منار ابو جبار (19 عاما) منزعجة في مقعدها بينما كان الطبيب يتحدث. وقالت في وقت لاحق 'أريد أن يعلم الناس أنه ليس كل من في الجولان مع الأسد'.
وقالت منار إنها بكت حين رأت للمرة الأولى صورا من سورية. وأضافت بينما كانت الصور تبث مرارا وتكرارا 'قال الدكتور إنه لا يفعل هذا سوى أحمق.. الأسد أحمق.. من هذا الذي يقتل شعبه؟' وتابعت قائلة 'أشعر بأنني قليلة الحيلة جدا. ليس هناك ما يمكننا أن نفعله من موقعنا هذا'.
وللكثير من سكان مجدل شمس أقارب في سورية وقد أصبحت الأحداث التي جرت في العام المنصرم موضوعا حساسا. ويخشى البعض في القرية الحديث عنها في وسائل الإعلام خوفا من تعريض أقاربهم للخطر.
وقال فوزي ابو جبار والد منار إنه لا يسأل أقاربه عن العنف لأنه لا يعتقد أن بإمكانهم الحديث عنه بحرية. لكنه شخصيا لا يتورع عن انتقاد الأسد.
وأضاف ابو جبار (60 عاما) 'حين خرجت الحشود الى الشوارع للمطالبة بالحرية والكرامة رد عليها النظام بالنيران. يمكن أن تؤدي وحشيته ورفضه للتغيير الحقيقي الى حرب أهلية او تدخل خارجي وهو الأمر الذي لن يكون في صالح اي طرف'.
ويتذكر حين كانت مرتفعات الجولان تحت الحكم السوري ويقول 'بعد الحرب كنا واثقين من أن الاحتلال الاسرائيلي سينتهي عما قريب'.
وبعد 45 عاما على حرب عام 1967 لايزال واثقا من أن هذا اليوم سيأتي لكن المخاوف تدور حول تأخر هذا اليوم لموعد أبعد في المستقبل.
وضمت اسرائيل الجولان عام 1981 وهي خطوة لم يعترف بها دوليا. وأعطت للدروز هناك الذين يتجاوز عددهم الآن 20 الفا خيار الحصول على جنسيتها. ورفضها معظمهم.
في شوارع مجدل شمس الضيقة تحمل المتاجر والشركات لافتات بالعربية والعبرية. وتسير نساء يرتدين سراويل الجينز الضيقة والأحذية ذات الكعوب العالية بجوار نساء الدروز بأثوابهن السوداء وحجابهن الأبيض.
ويعيش معظم السكان على الزراعة. ودرس كثيرون في جامعات باسرائيل وسورية. وتسمح اسرائيل لبعض سكان مجدل شمس بزيارة سورية التي تعتبرها دولة معادية.
في مدخل أحد مقاهي القرية تنطلق من السماعات ليلا الموسيقى الكوبية وموسيقى الريجي ويتوافد عليها الشبان.
ويقول اياد صفدي (29 عاما) مالك المقهى 'يوميا أسمع أناسا بالحانة يتحدثون عما يحدث في سورية. هذا يؤلمنا ويحزننا جميعا. كل عائلة هنا لها أقارب هناك. هذا يخلق توترا'. (رويترز)