نصّ مشترك
مسعود الجولاني - 25\04\2012
جميلة شفّافة,نقيّة حالمة,تتيه قسرا في مركب صغير,تكون فيه- الربّان والركّاب
والحكاية.تتأرجح في عرض البحر,في سفرة غامضة,لعنوان لم تدركه بعد,رحلة أشبه بشرود
فكرة في فضاء الخيال,أو ارتماء نغمة في عباب المدى.ورغم الألم والمعاناة,فهي تنساب
كنسمة لطيفة,تهزّ الياسمين فيُبعث الحنين في حنايا الذاكرة,آه لتلهّفها لتلك الأيام
الغابرة,قبيل أن تغدو الآلهة في عداد المفقودين,وحين كانت السماء تتسع لقمر غاف
ولجناحي طائر,وعندما كانت الأرض أقلّ ضجيجا والجروح تلتئم من تعويذة جدّة مؤمنة,
ويوم كان الماء المقدّس يغار من نبيذ الشفتين. تُبحر وتتذكّر,وكشجرة يانعة,تغمر
الأغصان بلهفة,رغم أنّها لا تعترف بعبارات المجاملة والتودّد,ولكن هذا لا يمنعها أن
تتعالى و تتساءل,تخاطب مركبها بصوت أشبه بهمس رذاذ المطر,تعاتبه,إذ كيف يمكن بعد كل
هذا,أن يجاهر طوعا بمكامن ضعفه؟كيف له أن يحتار ويشتاق,أن يهوى ويسهو.. فتتقاذفه
الأمواج؟! ...وذلك المركب المرتبك,كم هو مسكين,لم يسافر يوما في رحلة كهذه,تنقصه
ظلال الشمس وقوارب النجاة,وجلّ سلاحه هو صدق المشاعر.أيّ قدر ذلك الذي جمعهما
معا,هي تثور وتنزف وتواصل,وهو يجتهد ويرتبك ويترقّب,هو وهي عاشقان... يدركان أن ما
بينهما أعمق من جذور السنديان العتيق وبعمر خفقات الجنان. لعلّه حوار أشبه بغزل
متيّمين, يجمع المركب المتلهّف والمسافرة المتمنّعة في آن,ومهما كانت حدّة ذلك
النقاش, فهو لا يُفسد للودّ قضيّة ولا يعطّل وتيرة المسير.هي هكذا,تحبس الآهات
وتقطع المسافات... وفجأة,هاهنا,بدأت أشعر بتلك المسافرة الحرّى تداعب منحنى الخد
وتتضاءل وتذوي كلّما تقدّمت أكثر,فمن أين لها أن تقاوم العطش والجوع في
وجنتيّ؟!,فهي عَبرة تعبر أخاديد وجهي كحبّة ندى متلألئة, تتهاوى عطرا على حبر
الكلمات التي أكتب,فتسيل الحروف لوعة وتتراقص الكلمات احتفاء بولادة هذا النصّ
المشترك.