الإختلاف حضارة
نادر الحلبي - 04\06\2012
إن من عوامل ارتقاء الشعوب تعدد الآراء والإتجاهات وطرق التفكير بنظم الحياة
وتفاصيلها.
وهذا الإختلاف وارد في أي بيئة أو مجتمع أو مؤسسة حتى في البيت والأسرة الواحدة
أشخاص ميالون إلى اللون الأبيض وأشخاص ميالون إلى اللون الأسود ومنهم ما هو بين بين,
أي حالته رمادية وسطية.
وهذه الحالة أي الإختلاف حالة حضارية بحتة . وإن كان السؤال كيف للإختلاف أن يكون
حضارة ؟! نقول: اجتماع الآراء وتعددها باتجاهات مختلفة تخلق نوع من التنافسية
المنطقية التي تسعى دوماً إلى الإرتقاء وإلى الوثوب إلى محطات أخرى أعلى من
سابقَتها. وهذا يأخذنا إلى التجدد وإلى التألق والتمييز في الحياة وإلى اتساع في
الرؤية وتعدد الأطر التي نمتلكها.
ومجتمعنا الجولاني على اختلاف فئاته وتوجهاته مجتمع متعدد التفكير والإنتماء, ولا
يمكن لفئة أن تسيطر على أخرى في الرأي والتعبير.
وحتى لكل فرد منا رؤيته الخاصة فيه نتيجة تراكمات وخبرات وثقافات مكتسبة إلا أن هذه
التجربة تختلف من فرد إلى آخر, وهناك دائماً منافسة في اكتساب الثقافات والخبرات
التي من خلالها نتمييز عن أفراد مجتمعنا نتيجة الإجتهاد الشخصي.
وكل هذا يؤدي إلى الإختلاف والإختلاف دافع قوي لكي نصل إلى حل وليس إلى خلاف في
مسائل حياتنا المشتركة, وبهذا يكون الإختلاف دافع تحريضي للتكافل وتبادل وجهات
النظر المتكونة عند كل جهة حول الثوابت والمعتقدات السائدة لكل مجموعة أو حتى لكل
شخص.
بالمحصلة الإختلاف بالرأي يعني الغنى ويعني التطور ويعني التقدم بخطوات واثقة ,
وليس شرطاً أن نتفق بكمالية أشيائنا, الأهم ألا ننجر إلى طريق يشطب كل ما اتفقنا
عليه , المسمى بالخط الأحمر لأن التجاوز يعني انقسام ويعني بُعاد وقطيعة وهذا ليس
من صالح تطور وجهات النظر بل عامل مساعد على إنهاء الوجهتين.
فالإختلاف بوجهات النظر يحتاج إلى حوار حقيقي والحوار يدخل الحضارة من أوسع أبوابها.