رسالتي الأخيرة إليك..
شهرزاد الكلمة - 11\07\2012
بعد العتاب.. مر العذاب.. والسلام...
إليك أكتب آخر رسائلي يا مغدق القلب ولب الألباب. آخر رسائلي هذه. وأنا التي اعتدت
أن أضيء صباحي كل يوم برسائلك النصية وأطير نشوة. وها أنا اليوم أتململ في الفراش
كالعليل من الفجر حتى الصباح أتوسل الرموش أن تغفو قليلا لتريح الجسد الهزيل.
تخاصمت والنوم لأجلك. تخاصمت والعالم لأجلك. تخاصمت ونفسي لأجلك. لا بل كفرت
بمبادئي لأجلك. لأجل حبك البارد البليد. لأجل حبك الجارف.
نعم غسلت روحي زرقة عينيك، وعرت القلب من بين الضلوع، ذلك القلب الصاخب وليد رحم
الحياة. نعم غزوت القلب الحصين، واحتللته كما احتل أخيلوس مدينة الطرواديين، دون
الحاجة لترس كبير وسيف حاد.
احتللت قلبي كما احتل الصهيون مدينة الصلاة، دون حاجتك لسفك الدماء، وكفرت بمبادئي
وخنت نفسي لأسبح بزرقة عينيك الكاذبة.. صدّقت كذب العيون، صدّقت كلامك الحلو كشهد
العسل.. وسهمك الشارد أصابني في الصميم.. وأردى القلب شهيدا. وأصبحت لي وطنا مقطرا
في رجل. وأنا التي كنت صلبة كزنوبيا وحكيمة كأثينا.
نظرتك الهادئة الصاخبة الصامتة كغروب صحراوي بعثرت كياني. نظرتك الزرقاء هزت جلباب
النفس كهزة جماع.
وها أنا الآن أجرجر ذيول خيبتي كرجل مقعد يجرجر أرجله خلفه زاحفا باحثا عن بر
الأمان.
آخ وألف آآآخ.. أتسمع عويل الروح؟! أتسمع نديب القلب؟!
اعتدت في غيابك لفافات التبغ، فرائحتها تذكرني برائحة مسامات صدرك. اعتدت القهوة
بالنكهة التركية صباحا، بعدما كانت القهوة تستفز حواسي وتربك معدتي. اعتدت موسيقاك
السخيفة. اعتدت الأحزان، والدموع أصبحت حليفتي، وأنا التي لم أبك حبا من قبل.
هل تذكر مراوغة شفاهنا، وأول عناق مختزل؟!
آخ كم أحتاج أن أنصل من الذكرى. بئس الحياة! فأنت لست جديرا بحبي. لا، فأنت كمعشر
الرجال خائن نذل جبان.
أوتدري؟ لا، لست جديرا بقلبي، فقلبي أرق من أن يهان.
أوتدري؟ سأجهضك من أحلامي. سأتقيؤك من ذاكرتي.
أوتدري؟! علني أموت وأحرق قلبك يوميا، حرقا يشتعل كالجمر على ذكراي، علني أموت
وأطلق العنان لروحي.
هل ستزور قبري خلسة إن مت؟
هل ستبكي الدمع دما يحرق الوجنات؟
هل ستحمل نعشي والآخرين؟
هل سترش الورد والأرز على جثماني؟
أوتدري؟ سأدعهم يكفنون جسدي العاري بحروف اسمك.
هل سترمقني بنظرة وداع زرقاء أخيرة؟
أوتدري؟ لا، لن يهزك موتي. فأنت رديء الإحساس غافل عن كل شعور. أنت ميت حي. عابث
لعوب.
أكرهك. لا، لن أقف على الأطلال بعد الآن. سأكوي الجراح وأخيط الندوب.
سأنسانك وأتخطاك وأخطو على ذكراك.
على عكسك، قوية أنا، حقيقية أنا، وسأعود لأكون أنا الجميلة كأفروديت والصاخبة
ككليوباترا.
وانت.. أشفق عليك منذ الآن. وهذا هو مسك الختام. ولك مني تحية.. والسلام...