فوضى المشاعر - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني

فوضى المشاعر
مسعود الجولاني - 22\07\2012
في لحظات الخوف والتوجّس، أحسب أن مخزون الصور والكلمات في قلمي أشرف على الانتهاء. لكنّها خشية عابرة لا تؤرّقني ولا تشغلني، فلا أنا أُجهد في استحضار نزيف الكلمات، وليس للعبة المكاسب في أجندتي حسابات واعتبارات. في حقيقة الأمر، فإنّ سكرات الكتابة، هي التي تروّض مشاعري الهائجة وتجعلني أقترب من مراتب الإنسانية المرهفة، ولعلّ أعمق تحليلاتي، وفي أفضل حالاتي، تتحوّل إلى هراء، عندما يبلغ الوصال مداه، ليغدو سكون العاطفة بركانا ثائرا يبحث عن رحابة فضاء واتّساع مدى، لينثر زفراته الحرّى. مهما رتّبت أوراقي ودقّقت بجمع أرقامي، بواقعيّة مفرطة، أعود، في حضرتها، لأسقط في نفس الفخ من جديد؛ فحينا أغرق في سحر عينيها إلى أن أنتعش بياسمين الخدّين، وطورا تحرقني نيران صدرها إلى أن تطفئني نسائم الآهات، وكأنّها تلعب دورا مزدوجا للحوريّة والجنيّة، في آن. وأنا الثائر المطالب بحقوق المستضعفين، ما بي أتخلّى عن كافّة حقوقي، في جنائنها؛ حتّى حقوق الضحيّة بأنين النوم الأبديّ ورجفة الخلاص، تراني لا أبالي بها. هل هذا الصمت هو ضعف المُغرم ، وتواطؤ العاشق، أم أنّها نزعة مازوخيّة تنتابني كلّما التقيتها!؟ وإذا كانت تحبّ القراءة وتغالي في استئثارها بالنصوص، تُرى، كيف ستحكم على هذا النصّ؟ هل تقول أنّه استثنائيّ ونموذج أدبيّ مضيء، أم لعلّها ستعتبره مزيّفا مبتذلا؟

الآن، أكثر من أيّ وقت مضى، بتّ أعرف حقيقة مشاعري تجاهكما أنتما الاثنتان. أنتِ من جهة، وتلك التي لم يعد السناء والبهاء، مؤقّتا، في سمائها، من الجهة الأخرى؛ إنّي أحبّكما وأعشقكما إلى أن تختلط عليّ الصحوة بالثمالة. أدري أنّه من الأجدى أن أخاطبكما، كلاً على حده، لكنّها ليست المرّة الأولى التي أموج فيها بعكس التيّار... كائن ما كان سبب هذا الهاجس، لكنّني أريد أن أصرّح عنه، ولو بدا للحظة أنّه فانتازيا جامحة، ومن الأفضل ليّه وكتمانه؛ هنالك رابط إضافي، غير معلن، يجمعكما,أنتما الاثنتين، يسري فيه تحسّس نبض الحياة.. رهجة الفرح الفاتنة، ملامح الشقاء البائسة، النصر والهزيمة، والغزل والتمنّع... ذلك الرابط، لا شكّ أنّه سرّ السمرة الآسرة على وجهيكما، ولغز المزاجيّة المتشابهة في ردودكما، وأجزم أنّ خيوطه هي شيفرة تناغم موسيقا الصوت في معراج الأغنيات، وكلّما نظرت لإحداكما، رأيت كلاكما معا، في نفس الحالة وبذات الملامح.

لعلّني أحقّق الرجاء وأطال الهناء، إذا غمرتني تلك المعذّبة، بعد أن تهدأ جنباتها، أمّا أنا، فأضمّك بعطش الشوق وبجوع الرغبة، لتنتقل الثورة المنتشية، وترسو في ميناء جسدينا، هذه المرّة... فهل نقوى على المقاومة؟