البرادات ليست شركات
ربحية!
نبيه عويدات – 11\09\2012
من منا يذكر السبب الذي دعانا لبناء البرادات؟
من منا يذكر الظروف القاسية التي مررنا فيها في الثمانينات، حين كان المزارع لا يجد
من يشتري منه تفاحه؟
من منا يذكر الإهانة التي لحقت بالمزارعين في تلك السنوات؟
من منا يذكر كيف وصل الحال إلى حد الاقتتال بين المزارعين للحصول على "ميخال"؟
من منا يذكر تلك المواقف المضحكة\المبكية أثناء الموسم؟
يبدو أن ذاكرتنا قصيرة جداً لحد نسياننا.. أو تناسينا.. أننا أقمنا البرادات يومها
لحماية أرزاقنا.. لحماية تفاحنا.. لكي لا نتعرض مرة أخرى للإهانة.. ولكي نحافظ على
أرضنا، لأنها ستضيع في حال "موت" زراعة التفاح.
يبدو أن الفسحة التي منحت لنا خلال السنوات الأخيرة، من خلال تسويق التفاح في
الوطن، قد أنست المزارعين ذلك، وأعادتنا إلى نقطة الصفر مرة ثانية.
البرادات أقيمت كجمعيات زراعية تعاونية لحماية أرزاق المزارعين.. فقط لاغير.. وهي
ليست شركات ربحية كما يحاول البعض التسويق لها.. ومن خلال ذلك انتهاج سياسات
اقتصادية واستثمارات غير محسوبة أدخلت البرادات في ضائقة مالية، اضطرتها إلى تأجير
خدماتها إلى المنافسين، لينافسوا تفاحنا في ظروف غير عادلة..
وهنا لا بد من السؤال: إذا كان البعض يعتقد أن البرادات شركات ربحية، فمتى تم فيها
توزيع الأرباح على أصحاب الأسهم؟! وهنا السؤال للمزارعين المساهمين: متى تم توزيع
الأرباح عليكم؟
الأرباح المزعومة لم توزع قط! إذا لماذا هذا السلوك غير المفهوم؟!
قبل يومين سألت أحد التجار: لماذا لا تشترون التفاح؟
فقال لي: ليست هناك إمكانية "لعرابته"، وبالتالي لتسويقه.
فاستغربت الجواب وقلت له: كيف ذلك ولدينا 8 برادات وفي كل براد "معربة".
فكان جوابه: جميعها تعمل بكامل طاقتها ولكنها "تعرب" تفاحا ليس تفاح مزارعينا.
استغربت جواب التاجر واعتقدت في بادئ الأمر أنه ربما لديه غاية ما. فتوجهت بالسؤال
إلى تجار آخرين، وإلى أعضاء في لجان البرادات، وكانت النتيجة أن ما يقوله الشخص
صحيح، وأن كمية تتراوح بين 100 – 300 "مشطاح" "تعربها" هذه البرادات يومياً وتنزل
إلى الأسواق فتغرقها ولا تترك مكاناُ لتفاحنا...
غريب أمرنا فعلا! هل وصلنا إلى هذه الدرجة من ***؟!
إن البرادات عبارة عن جمعيات تعاونية لحماية تفاحنا وتديرها لجان منتخبة من قبل
المساهمين، التي من المفروض أن تسهر على مصلحة هؤلاء المزارعين.. فكيف إذا تقبل هذه
اللجان بما يحدث؟ وكيف لا يحاسبها المزارعون على هذا الإخفاق المريع؟!
ومن هنا، يجب علينا إعادة النظر في طريقة تشغيل البرادات وإدارتها، واضعين خطوط
حمراء يجب عدم تجاوزها. وفي سبيل ذلك هناك بعض الأفكار التي قد تكون مفيدة، ومنها:
- البرادات جمعيات تعاونية لحماية أرزاق المزارعين وليست شركات ربحية أو مؤسسات
استثمارية، ومن لديه طموحات في هذا الاتجاه فليحققها في مكان آخر وليس على ظهور
المزارعين ومستقبل زراعة التفاح في منطقتنا.
- البرادات أقيمت لحماية تفاحنا، ويجب أن لا تخدم سوى تفاحنا، حتى ولو توقفت عن
العمل.
- التعامل بجدية مع اللجان المنتخبة، وأن تكون فعلاً على مستوى من المعرفة والخبرة
والمسؤولية تخولها وضع سياسات صحيحة لحماية أرزاق المزارعين.
- بما أن البرادات هي جمعيات تعاونية للمزارعين، والمصلحة لجميع المزارعين واحدة،
إذا يمكننا من خلالها تشكيل لجنة مشتركة يعهد لها رسم مستقبل زراعة التفاح في
منطقتنا، فعملياً هذه البرادات مجتمعة تمثل جميع المزارعين في منطقتنا تمثيلاً
كاملاً.
- أن نلتزم نحن المزارعون بتوجيهات البرادات، وأن نكفّ عن هذا السلوك الفوضوي الذي
انتهجناه حتى الآن، والذي بات واضحاً أنه سيوصلنا إلى الهلاك. فمن خلال البحث تبين
أن المشكلة تكمن في الأساس بتفرقنا وفوضويتنا، وكل من يتهم أي شخص آخر فهو واهم..
فالمشكلة ليست في التجار ولا في السوق، وإنما فينا نحن المزارعين.. وفقط فينا نحن
المزارعين.