الحمى عند الأطفال
د. حامد بطحيش/ طبيب أطفال
تبلغ درجة حرارة جسم الطفل الطبيعيه من 36- 37.5 درجة. والحمى او الحرارة هي ارتفاع
غير طبيعي بدرجة حرارة الجسم التي تنجم في اغلب الأحيان عند الأطفال نتيجة لأمراض
معدية أكثرها فيروسية. ويعتبر الطفل مصاباً بالحمى اذا تجاوزت حرارته 38 درجة
بالفحص الشرجي (عند الفحص بالفم فوق 37.6 وتحت اللسان تحديداً، أو فوق 37.2 لدرجة
الحرارة المُقاسة تحت الإبط، فكل مكان لقياس الحرارة له درجة مختلفة فلا يقال لما
هو طبيعي في الفم انه طبيعي للإبط). عندما تتجاوز درجة الحرارة ال 41 فإنها قد تؤثر
على عمل الخلايا وتعتبر خطيرة. من المهم معرفة ان درجة حرارة أقل من 36 تعد غير
طبيعية وتتطلب استشارة طبية (إذا قيست بشكل صحيح ولفترة زمنية كافية).
تكون حرارة الطفل المركزية مستقرة في الاحوال الطبيعيه مهما كانت درجة حرارة الجو
المحيط به وهذا ضروري من اجل حسن عمل الخلايا داخل الجسم، ويوجد توازن ما بين توليد
الحرارة داخل الجسم على مستوى الشحوم والعضلات وما بين تصريفها عن طريق الجلد
والجهاز التنفسي. يتم تنظيم الحرارة في الجسم البشري بواسطة مركز الحرارة الموجود
في الدماغ الذي يعمل كمنظم للحرارة في الجسم ويجعلها حوالي ال37 درجة في الاحوال
الطبيعية، وأي خلل في عمل هذا المركز يؤدي الى رسائل عصبية تأمر الاعضاء المسئوله
من اجل توليد المزيد من الحرارة والمحافظة على درجة الحرارة لفترة زمنيه ما كوسيلة
دفاعيه للجسم ضد الامراض المسببة للحمى، وينجم عن هذه الاوامر ايضاً حدوث القشعريرة
أو الرجفان مما يخفف من هدر حرارة الجسم والمحافظة عليها عاليه. إن الخلل في مركز
تنظيم الحرارة غالباً ما ينجم نتيجة لتأثير مواد داخليه مولده للحرارة يفرزها الجسم
بعد تعرضه لتلوث جرثومي او فيروسي او نتيجة لحالة التهابيه داخليه.
اكثر الامراض المسببه للحمى عند الأطفال هي امراض بسيطة مثل الرشح والكريب والتهاب
البلعوم والتهاب الاذن الوسطى وبشكل اقل قد يكون سبب الحمى مرض أكثر خطورة مثل
التهابات الرئة او المجاري البولية أو التهاب السحايا، ففي هذه الحالات تستمر الحمى
لعدة أيام وتتحسن فقط بعد علاج المرض المسبب لها ولا يكفي اعطاء الطفل مخفضات
للحرارة .
بعض الأطفال قد يعانون من ارتفاع في درجة الحرارة بعد تناول التطعيم واللقاحات
الدورية. وإن اعطائهم مخفضات الحرارة قبل اللقاح لا يحميهم من الأعراض الجانبية أو
نوبات الحمى.
- كيف نقيس درجة الحرارة عند الأطفال؟
1. عن طريق الشرج: أكثر الطرق دقة لقياس الحرارة عند الأطفال (خاصة الرضع) بشرط أن
يترك ميزان الحرارة لثلاث دقائق داخل الشرج وبعد ادخال الميزان ل1- 2.5 سم داخل
فتحة الشرج.
2. عن طريق الفم: تتطلب تعاون الطفل وصبره وتستعمل بشكل عام عند الاطفال فوق عمر
الاربع سنوات.
3. عن طريق الأذن: يستخدم في هذه الحالة مقياس الكتروني خاص .
4. عن طريق وضع الميزان تحت الإبط : يعطي نتيجة غير دقيقة ويتطلب ترك الميزان لمدة
10 دقائق.
5. عن طريق الفحص عبر اليد على الجبهة : طريقة غير دقيقة بتاتاً ولا تعكس الحمى أو
درجة الحرارة الداخلية. سخونة الجلد التي يمكن الشعور بها باللمس لا تعني بالضرورة
وجود حمى .
يختلف تحمل الحمى من طفل لآخر ومن المهم الحذر من علامات عدم تحمل الطفل للحمى
والتي تستوجب اسعاف الطفل بسرعة وهي:
- كل طفل تحت جيل 3 اشهر يعاني من درجة حرارة فوق ال38 عن طريق الشرج .
- درجة حرارة فوق ال41 (hyperthermia)
- شحوب لون الطفل.
- الميل للنوم أو عدم الاستجابة أو فقدان الوعي .
- استمرار ارتفاع درجة الحرارة لمدة خمسة أيام وأكثر .
- برودة اليدين والقدمين مع التبقع الشبكي على الأطراف وتتطاول زمن عودة تلون الجلد
لأكثر من ثلاث ثواني. (أي عند الضغط على الجلد حتى يصبح أبيض ثم يلاحظ سرعة عودة
التروية الدموية الشعرية لتلك المنطقة والتي تكون أقل من ثلاث ثواني في الحالات
الطبيعية).
- جفاف الفم والشفتين.
- بكاء عالي الطبقة (الأنين، وخاصة عند الرضع).
- وجود طفح جلدي وخاصة عندما لا يختفي عند الضغط بالإصبع على منطقة الطفح (purpura)
- وجع رأس ورقبة حاد وبالأخص عند التقيؤ.
حوالي 3- 5% من الأطفال ما بين عمر 6 اشهر الى 5 سنوات خاصة ممن لديهم استعداد
عائلي وراثي يعانون من تشنجات حرارية (febrile convulsions , פירכוסי חום) في حالات
الارتفاع المفاجئ في درجات الحرارة . يمكن لهذه التشنجات أن تثير الرعب عند رؤيتها،
لكنها غير مضرة بوجه عام ولا تؤدي إلى الصرع أو أي تلف في الدماغ، لكن ينبغي عرض
الطفل الذي يصاب بالتشنجات الحرارية لأول مرة على الطبيب وإذا أصيب بهذه التشنجات
مرة فسيصاب بأخرى على الأرجح.
الحمى عند الاطفال تسبب الجفاف وخاصة مع ترافقها بالإسهال والتقيؤ لذلك من الضروري
اعطاء الطفل الكثير من السوائل.
ليس من الضروري اعطاء مخفضات حرارة للطفل حتى إذا وصلت درجة حرارته 38.5 بشرط أن
الطفل يتصرف بشكل طبيعي يضحك ويلعب ويأكل (للطفل السليم الذي لا يعاني من أمراض
مزمنة كأمراض قلبية رئوية، عصبية أو تشنجات حرارية).
الكثير من الأهل يوقظون أولادهم لإعطائهم الأدوية لتخفيض حرارة بسيطة، مع أن النوم
بالنسبة لصحة الطفل أكثر أهمية .
مرحلة ظهور الأسنان قد تسبب ارتفاع خفيف في درجة حرارة الطفل والذي لا يتعدى الحد
الأعلى للمعدل الطبيعي.
كيف ومتى نعالج الحمى؟
في أغلب الأحيان وكما ذكرنا سابقاً ليس من الضروري اعطاء أدوية مخفضة للحرارة وبشكل
خاص عندما يكون الطفل بحالة جيدة. من الممكن استعمال مغاطس مياه فاترة وتخفيف
الملابس والأغطية مع وضع الطفل فى غرفة ذات برودة معتدلة.
- قم بإعطاء الطفل المصاب بالحمى دواء الاكامول (البراسيتامول) بجرعة ملائمة لوزنه
(15 ملغ لكل 1 كلغ من وزن الطفل في الجرعة الواحدة) يعطى الاكامول كل 4 - 6 ساعات
عند الضرورة. يمكن ان يعطى بشكل شراب أو تحاميل . لا يجوز قسم التحميله إلى نصفين.
- يمكن اعطاء نوروفين/ أدفيل (ايبوبروفين) كبديل للاكامول لمن هم اكبر من 3 اشهر
(10 ملغ لكل 1 كلغ بالجرعة كل 8 ساعات حسب الضرورة) لا يسمح به بحالات الجفاف
والأمراض الكلوية.
- في حالات الحمى الشديدة ممكن مشاركة الدوائين السابقين وبشكل متناوب (حسب ارشادات
الطبيب).
- حالياً لا توجد أبحاث كافية حول استعمال الاوبتالجين (دبيرون) لتخفيض الحرارة عند
الأطفال بشكل روتيني. ولكن من الممكن اعطائه في حالات خاصة بعد استشارة طبية ( في
كندا والولايات المتحدة يمنع استعمال الاوبتالجين بسبب حدوث حالات عدم انتاج كريات
دم بيضاء (Agranulocytosis) ).