أزمة التفاح... إلى أين؟
د. أسعد صفدي - 27\11\2012
جاء لزيارتي خلال الموسم ضيوف أجانب مهتمين بشؤون المنطقة، وبالذات مسألة التسويق
الى الشام. وكانوا قد وقعوا في أزمة سير التراكات التي تجر الميخاليم الى البرادات،
على الطريق من يقعاثا الى مسعدة والمجدل. وبعد ان تمكنوا من الدخول بسيارتهم الى
ساحة البراد بسبب عركة التركات، شرحت لهم عن تاريخ التفاح بالمنطقة وكيف وصلنا الى
ما وصلنا اليه من منشآت عصرية وبهمتنا غير معتمدين على أحد. عملت لهم جولة في
البراد، وشاهدوا المعربة في قمة نشاطها، فذهلوا ولم يعرفوا كيف يعبرون عن تقديرهم
لنا ولكل ما نفعله، وبالامكانيات الضئيلة المتوفرة بين أيدينا. في النهاية سألوني:
أنتم بالتأكيد من يتحكم ويحدد سعر التفاح في الأسواق؟ شعرت بالاحراج والخجل حين
أجبتهم لا! وحين حاولت ان أخفي عنهم الى أي مدى نحن غير منظمين فيما يتعلق بالتسويق
والحصول على أفضل النتائج مقابل أفضل منتوج، وكأني أتباكى بأن أحدا يقف ضدنا ويحاول
ان يعرقل ما نخطط له.
لقد كثر الحديث عن التفاح والأزمة التي خلقتها وفرة الموسم الحالي، وعن العجز الذي
نعيشه بكيفية تسويقه، وكأننا معدومي الإمكانيات والطرق مغلقة في وجهنا ولا نستطيع
عمل شيء. لقد انتهى الموسم، واجتمع من اجتمع، وحكى من حكى، وكتب من كتب، وقاتل من
قاتل على بعد ميخال او 2، وهدأت غبار وضجة "فعير" التركات، وأمطرت الدنيا، ونصبنا
الصوبيات والوجاقات، ونسينا اننا ملأنا البرادات بكمية لم يسبق لها مثيل من التفاح
الذي لا نعرف ماذا نفعل به.
ليس من الصواب فقط ان نتذمر ونضع الحق على هذا وذاك او ربما مجهول، ونجلس في بيوتنا
وننتظر المنقذ الذي سيأتي ويخلصنا من أزمتنا. ان أزمة التفاح هذه السنة أكبر مما
نتوقعها، وهي أزمة قديمة وستكون بعيدة المدى. لقد ظهرت بوادر الأزمة قبل عشر سنوات،
وجاء فتح طريق التسويق الى الشام ليحلها بشكل جزئي، ولكن دون شك، إذا لم ننظم
أنفسنا فإن الأزمة ستستمر في المستقبل.
ربما لا يعلم أكثركم، إنه يوجد في براداتنا 85 ألف ميخال، هذا غير لواوين البرادات
"المزطومة" والتفاح الذي لم يُقطف بعد والكثير من المزارعين غير مستعدين للتنازل
عنه، وهو يغرق الأسواق ويغرق الأسعار بسبب جودته المتدنية. إضافة على ذلك، فإن كمية
التفاح الموجودة في جميع برادات الجولان والجليل، ولأول مرة، تجاوزت المائة ألف طن،
مقارنة مع الرقم القياسي السابق حوالي 80 ألف طن. أي أننا فعلا في أزمة حقيقية.
وبحساب بسيط، على جميع برادات الجولان أن تسوق ما معدله 12 ألف ميخال كل شهر، أو
400 ميخال كل يوم، لكي نتخلص من كل منتوجنا حتى آخر شهر حزيران 2013، وربما أبعد من
ذلك، وهذا الأمر منوط بمصاريف جمة وزائدة على البرادات والمزارعين على حد سواء. ومن
خلال خبرة السنوات السابقة، عندما تبدأ الفواكه الصيفية في شهر نيسان وبعد ذلك
الكرز، فان سوق التفاح يهبط كثيرا. ولمعلوماتكم فإن الكمية التي خرجت من جميع
البرادات هي كمية ضئيلة جدا وتكاد تكون غير محسوبة، أي أننا يجب أن نبدأ وحالا
بتصريف كل كمية ممكنة. وهنا يأتي السؤال الأهم والأصعب: ماذا عن الأسعار؟؟؟؟؟
آخر الأخبار تقول أن الأسعار ليست جيدة وليست كما يستحقها المزارع، وربما أقل بكثير
مما يريده. ولكن بالمقابل كيف يمكن أن تكون بعد شهر؟ لا أحد يضمن بأنها ستكون أفضل،
والتوقع السائد وبوجود هذه الكميات الهائلة من التفاح، ألا يحدث تغيير جذري
بالأسعار. ربما تنخفض وربما ترتفع قليلا ولكنها لن تصل إلى ما نريده، ولكن هذا
الأمر متعلق بالنقطة الجوهرية التالية: ما هي جودة التفاح التي خزنها المزارع؟ بدون
شك بأن المزارع الذي يعرف كيف يقطف وماذا يخزن بالبراد، سيحصل على سعر معقول، ربما
ليس كما يريد، ولكن بالظروف الحالية، سيحصل على أفضل الأسعار.
ولذا وبرأيي، يجب ان نبدأ وحالا بتصريف كل كمية ممكنة، وبالأسعار الموجودة، ولا
ننتظر الانفراج الذي قد لا يحدث في الأسعار.
صحيح أن هناك حديث عن التسويق إلى الشام، وهناك موافقات أولية، ولكن طالما لم يحدد
موعد لذلك فلا يمكننا أن نبني على هذا التسويق، وخاصة في الظروف السياسية والأمنية
السائدة في المنطقة. التسويق إلى الشام في كل عام حتما يحرك الأسواق ويرفع الأسعار
هنا، ولكن يجب الانتباه إلى أمرين مهمين:
الأول وهو أن كميات التفاح الموجودة عندنا هائلة، وحتى إذا سارت الأمور على أفضل
وجه، بعونه تعالى، لا يمكننا تسويق كل تفاحنا إلى الشام، كما وأننا نعرف من خبرة
الماضي انه بعد إغلاق المعبر، فان الأسعار تهبط بشكل حاد!!
والأمر الثاني هو حتى بعد الحصول على الموافقات المطلوبة والبدء بالتسويق، فإن أصغر
حركة تحدث في المنطقة أو على الشريط قد تغلق المعبر ليوم أو اثنين أو ربما أكثر
بكثير!
إذاً ما هو الحل لهذه النعمة التي "تورطنا" فيها هذه السنة، وربما بالسنوات
القادمة؟
لكي نصل إلى الحل، يجب أن نعرف ما هي مشاكلنا، وكيف يمكننا تلافيها، وبالتالي
الوصول إلى استقلاليتنا "طبعا تفاحياً" ونتمكن من التحكم بالأسواق التي نحن ننتج
أكثر من ثلثها، ولا يوجد لنا تأثير ولو ضئيل على ما يدور فيها!!!
برأيي تكمن المشكلة الرئيسية في كل ما نحن فيه بالعناصر التي تتعاطى مع التفاح وهي:
المزارعون، التجار، طريقة التسويق محليا وعجز البرادات عن تنظيم التسويق.
1- يجب ان ننطلق من نقطة أساسية وهي أن غالبية مزارعينا هم مزارعون صغار ولا
يعتمدون بشكل أساسي على الزراعة. فالمزارع يتعب كل السنة ويصرف على أرضه الكثير،
وما أن يأتي الموسم، فإنه لا يجد الوقت ليتفرغ له. وحين يبدأ بالقطاف، في وقت
الفراغ او يوم عطلته من عمله الأساسي، يسابق الوقت لكي يخلص من هذا "الهم". وخلال
عملية القطاف، لا يفكر كيف يمكن أن يتقن هذه العملية لكي يحصل على أفضل الأسعار.
فبدلا من القطاف بشكل انتقائي، وطولة البال على الثمار الصغيرة لتكبر، والثمار
البرشة لتأخذ لون، فأنه يقطف "عمبو جنب" لكي ينهي الموسم ويرجع الى عمله. وحتى
المزارع الكبير فإنه يأتي بعمال غالبا من خارج المنطقة، ولا يستطيع السيطرة على
جودة القطاف. يخزن تفاحه في البراد، وينسى أمره، واذا كان في أزمة مالية فإنه يبيع
كيفما اقتضى الأمر، وبما انه قطف "عمبو جنب" فهو لا يناقش على السعر، لأنه ربما
يعترف بأنه "غلفش" بطريقة قطافه، وبذلك يضيع جزء من تعبه في الوقت الذي كان بإمكانه
ان يحصل على المزيد، لو أنه تروى وقطف بطريقة أفضل وأجدى وأنفع وأربح.
2- اما التاجر فهو تاجر وهذه هي مهنته، ويحق له ان يربح، وقد يخسر، وعندما يخسر
فإنه يحمّل المزارع جزءا من خسارته، لكي تكون الخسارة من حصة المزارع. انا لا اريد
ان أدافع عن التجار المحليين، ولكني أحاول ان أكون موضوعيا جدا، لأني أستطيع أن
أتفهم بأن لهم الحق أن يربحوا ولكن بالمعقول. حين نرجع الى الوراء، نرى اننا نحن
المزارعون، من أخلّ بالاتفاق غير المكتوب بين المزارع والتاجر. فكما ذكرت، حين
نقطف، لا نعرف كيف نقطف، نعبئ الميخال بكل أشكال وألوان وأحجام التفاح، والبعض منا
يضعون الثمار الصغيرة من تحت، والكبيرة من فوق، الأبرش بالكعب، والأحمر الأحمر على
الوجه. وفي كثير من الأحيان لا نعبئ الميخال بشكل كامل، وبدلا ان نقطف مائة ميخال،
نقطف 110 ميخاليم. يأتي التاجر ويشتري، ويكتشف كل البلاوي التي بعناه اياها، ويخسر،
او بالأحرى لا يربح كما خطط، ويخصم علينا، ونتذمر، فيهرب التاجر الى مزارعي جباثا
وشاعل وعين الزيوان وحتى الجش، حيث يشتري بسعر أقل، ويبيع بسعر أفضل، ويربح! فما
الذي سيشجعه ليشتري منا؟ هكذا خسرنا التجار الغرباء في الماضي، وهكذا نفعل مع
التجار المحليين، مما يضطرهم الى شراء تفاح الغرباء، وتخزينه في عقر دارنا، وتسويقه
على مهلهم، وعدم التفكير بشراء أي ميخال منا، حتى يتخلصوا من بضاعتهم التي يقولون
أنهم يربحون منها. وعندما يحصل ذلك ويتحسن علينا أحدهم، يكون قد مر شهر 11 وشهر 12،
وكسد التفاح عندنا، وتنخفض أسعاره، فيأتي ويفرض علينا السعر الذي يريده، لأن السوق
راكد، فنضطر ان نبيعه كما يريد، ونعطيه المبرر لكي يخصم ما يريد، لأن ميخالنا ليس
مربحا مثل ميخال شاعل!!!
نتذمر، ونشتم ونقول عنه نصاب، ونبحث عن تاجر غريب، فيأتيتنا موشيه او ايتسيك، يدفع
لنا أكثر، يغرينا، يعطينا دفعة على الحساب، و"يقدح" ببقية المبلغ!!! فمن أفضل لنا،
التاجر ابن البلد الذي برأينا "يسلخ" جلدنا، أم التاجر الغريب الذي يغرينا بسعر
أعلى وفجأة يختفي؟
بدون شك ان التاجر ابن البلد أفضل الموجود وربما أضمن، ولكن يجب ان يكون قطافنا
أفضل وأعدل لكي نعطيه المجال ليربح، ولا نعطيه المبرر ليخصم علينا. ، ونحن في
البرادات نعرف جيدا بأن المزارع الذي يقطف بشكل جيد، هو الذي يتحكم بالتاجر وليس
العكس.
مرة ثانية انا لا أدافع عن التجار، ولكني أبرر لهم حقهم بالربح المعقول، لأنه لا
أحد يخدم أحدا مجانا، فطالما لم ننظم أنفسنا وانتاجنا وتسويقه بأنفسنا، فإني أجدهم
الحل الوحيد لتسويق هذا المنتوج. حتى اننا يجب ان نغريهم لكي لا يفكروا بشراء حبة
تفاح من غير تفاحنا.
3- التسويق محليا: ان الخطأ الأساسي في كل عملية التسويق يبدأ من طريقة البيع
بالميخال وليس على المعربة. فبهذه الطريقة لا نكون صريحين مع بضاعتنا ولا مع
التاجر، إذ اننا نبيع الميخال ونحن لا نعرف ما يوجد فيه، وبذلك نعطيه الفرصة للتحكم
بنا والخصم علينا كما يشاء. أما البيع على المعربة وفي البراد وبوجود حكم يسجل كل
نتائج العرابة، فهي أحلّ وأفضل، اذ يأخذ كل من المزارع والتاجر حقه، ولا نعطي
الفرصة للتاجر ليخصم كما يشاء.
4- دور البرادات: المنطق يقول بأن البرادات هي التي يجب ان تتولى كل ما يتعلق
بالتفاح، ليس فقط التخزين، وإنما التسويق ووضع سياسة صحيحة بعيدة المدى للحفاظ على
هذا الباب الاقتصادي الأساسي في الجولان، وإعطاء المزارع ما يستحقه مقابل تعبه على
مدار السنة. وهنا يطرح نفسه السؤال التالي:
من الذي يجب ان يبادر الى تفعيل دور البرادات في ذلك, المزارع أم البراد؟
لا شك بأن المزارع لا يملك الإمكانيات ولا الأدوات للقيام بذلك، فهو دفع وبنى
وانتخب لجنة لتدير شؤون البراد، وعليه فيجب على البراد ان يختار الكوادر المناسبة
ويعمل ما لا يستطيع المزارع عمله من وضع سياسات واستراتيجيات وما الى ذلك. ولكن حين
نرى بأن المزارع يقطف ويخزن بالبراد، وفي كثير من الأحيان يبيع الى التاجر ودون علم
البراد، ربما لأنه لا يؤمن بقدرة البراد على البيع، او انه يفضل ان يعقد صفقة مع
التاجر دون تدخل أحد، ولأسبابه الخاصة، فإنه بذلك لا يخوّل البراد بالتصرف برزقه.
وهنا يوجد شيء من السخرية يعبرعن قمة سوء التنظيم وهو: المزارع يملك البرادات
والمعارب وقد ساهم في دفع ثمنها، وهو يساهم في صيانتها في كل سنة، ولديه طاقم
البراد الذي يدفع أجرته شهريا، فبدلا من استغلال كل هذه الامكانيات، وتسخيرها
لمصلحته، فإنه يبيع التاجر الذي ينقل التفاح الى معربته الخاصة، ويوكله بتعريب
وتسويق تفاحه. كالشخص الذي يشتري سيارة ثمينة، وعندما يريد ان يسافر أقرب أو أبعد
مشوار، فإنه يأخذ الباص او سيارة أجرة!
أنا لا أضع الحق فقط على المزارع، كذلك البرادات تتحمل القسط الأكبر من مسؤولية هذه
السخرية لعدم مبادرتها في التخطيط والتنفيذ. ولكن وللأسف فإن جميع البرادات دون
استثناء اهتمت أكثر بتجهيز نفسها بكل ما تحتاجه لخدمة التفاح وبكيفية تطوير نفسها
كجمعيات تعاونية، والبحث عن دخل بديل، وتجاهلت كيف تفعّل خدمة المزارع. ومن ناحية
ثانية، فإن طريقة البيع التي يتبعها المزارع مباشرة الى التاجر وبالميخال، سحبت من
أيدي هذه البرادات شهادة تخويلها بالاهتمام بموضوع التسويق.
والحل للخروج مما نحن فيه موجود فقط عندنا، ونحن لوحدنا قادرين على أخذ زمام الأمور
بأيدينا، وإنقاذ مستقبلنا الاقتصادي، ولكن هذا الأمر يحتاج منا الى:
1- المزيدوالمزيد من التنظيم والتنسيق، بين المزارع والبراد، والبرادات فيما بينها.
2- التنازل عن طريقتنا التقليدية بالبيع الميخاليم، وعدم انتظار التجار حتى يتفرغوا
لنا ولتفاحنا.
3- تنظيم التسويق محليا واتباع طريقة التسويق الى الشام: وهي تخويل البراد بالبيع
عن طريق المعربة وفي البراد، أي تعريب تفاح كل مزارع على حدة، وبحضوره، واعطائه
تقرير واضح بنتائج تعريب تفاحه. وقد أصبح عندنا خبرة كافية في تنفيذها. ومن ثم
تنظيم التسويق محليا بأنفسنا. وفي هذه الحالة يمكننا ان نعلن عن براداتنا ما يشبه
"منطقة عسكرية زراعية تجارية مغلقة" لا تستقبل في ميخاليمها ولا في غرفها ولا في
معاربها اية حبة تفاح غريبة، وتعمل بتنسيق كامل فيما بينها. وهذا أمر يجب أن يفرضه
المزارعون على البرادات لتضع خطة عمل مشتركة وملزمة لها جميعا بكل ما يتعلق
بالتخزين والتسويق. ونتعاون مع مسوقين مختصين، تجد البرادات آلية لضمان حقوقها
وبالتالي حقوق المزارعين. وأنا شخصيا لا أرى أي خطأ بتنظيم تسويق قسم من تفاحنا عن
طريق التجار المحليين في المرحلة الأولى، بدلا من الاستعانة بالغرباء، فغالبية
هؤلاء التجار أصبح لديهم خبرة كافية في التسويق، وعندهم أسواقهم. فعندما نعمل بهذه
الطريقة، سنرى بأننا سنؤثر بالسوق وبالأسعار وعلى قدر حجمنا الذي أهملناه حتى الآن.
وكما ذكرت، لجان ومدراء البرادات ليست لديهم الخبرة ولا الوقت لذلك، ولكن لديهم
الموارد والقدرة على تنفيذ ومراقبة وضبط سير عملية التسويق. . فأنا كمدير براد،
مهمتي ومسؤوليتي الاهتمام بشؤون البراد العامة، والمحافظة على ممتلكاته، والتأكد من
عمل الماكينات والأجهزة على أفضل وجه، لكي لا يحدث لا سمح الله أي خلل في جودة
التبريد الذي يمكن ان يتسبب في ضرر البضاعة، وهذه بحد ذاتها مسؤولية كبيرة. وعندي
القدرة على تشغيل المعربة وتعريب تفاح كل المزارعين، وتسجيل نتائجها، وأن أكون
الحكم العادل بين المزارع والتاجر. لكني لا أستطيع أن أفرض على المزارع ان يبيع عن
طريق المعربة اذا كان لا يرغب بذلك، أو أنه باع الى تاجر آخر، ومن ناحية أخرى لا
أملك الوقت للسفر الى الأسواق ومتابعة ما يدور فيها، وجباية الفواتير، ولا حتى
المهارة لذلك. هذا الأمر يحتاج الى شخص مختص بذلك، إن كان ذلك التجار المحليين أو
غيرهم، ليقوم بهذا العمل لصالح البرادات التي تقوم بدورها بخدمة المزارعين.
4- القبول بالأسعار الموجودة في الأسواق: أسعار التفاح في الأسواق ليس أمرا ثابتا،
وهي قابلة للتغير بين ليلة وضحاها، وهذا هو امر يجب ان ندركه جيدا، ونتعامل معه
ونقبل به. صحيح انه بالتسويق الى الشام تكون الأسعار جيدة ومعروفة سلفا بالنسبة
لنا، ولكن يجب ان نعلم بأن هذه الأسعار أرفع من الأسعار الحقيقية للتفاح، لأنه يوجد
فيها عنصر الدعم الذي نتلقاه من الوطن الأم سوريا. وللأسف الشديد لا يمكننا تسويق
منتوجنا بأكمله الى الشام وبالأسعار التي نحصل عليها. وهذا الأمر غير متعلق بنا
وتتحكم به وزارة الزراعة الاسرائيلية بشكل رئيسي، فهي التي تحدد لنا الكمية التي
يمكننا تسويقها، ولا يخفى على أحد بأنها تراعي مصلحة مزارعيها قبل ان تفكر بمصلحتنا
نحن مزارعي الجولان.
هذا هو حال المزارع في منطقة عدد سكانها 20 ألف نسمة، تنتج 40 ألف طن، يمكن ان تغطي
حاجة 3 ملايين نسمة، نقل مزارعوها التراب الى الجبال ليغطوا الصخور ويزرعوا عليها،
جهزوها كل البنى التحتية المطلوبة للزراعة الحديثة وعلى حسابهم الخاص، بنوا منشآت
زراعية بأحدث التقنيات العالمية وبدون دعم من أحد، يخدمون الأرض أكثر مما يخدمون
أنفسهم، وعندما يحين الوقت لجني ثمرة أتعابهم، يجدون أنفسهم عاجزين غير منظمين، لا
يعرفون ماذا يفعلون، وينتظرون رحمة أحدهم ليقول لهم ماذا يفعلون!!!