بين الجلاء والسلام
شعر سليمان سمارة
في سوريا الميمونة الغرّاء | |
تتهلل الدنيا بعيد جلاء | |
عيد رفيف الورد فيه معانق | |
رفّ البنود على الذرا الشمّاء | |
عيدُ به أرض الكفاح سعيدةُ | |
نشوى يعطّرها دم الشهداء | |
هذا هو اليوم الأغرّ صباحه | |
يزدان بالأنوار والأنداء | |
هذا هو اليوم الذي آباؤنا | |
صنعوه عبر جماجم ودماء | |
اليوم عيد الثائرين وبهجة | |
المتناصرين وفرحة البسلاء | |
والنصر معقود اللوا للذادة | |
الأحرار للأبرار للخلصاء | |
ولمواطن فيه النضال موحد | |
في النهج والأهداف والآراء | |
نيسان ميدان البطولة والفدا | |
وملاعب الحرية الحمراء | |
* * * | |
الغوطة الفيحاء هل ربيعها | |
بثيابه الفتانة الخضراء | |
في الشام تغريد البلابل جوقة | |
خنقت فحيح خبيثة رقطاء | |
لكنما رقطاء أخرى استوطنت | |
في الهضبة السورية العرباء | |
وتقلبت ملساء تلتهم الثرى | |
بمسالك خداعة عوجاء | |
تلك التي ورثت مفاسد أختها | |
في الظلم والإرهاب والإيذاء | |
يا لهفة الجولان طال عناؤه | |
شوقاً إلى الوطن القريب النائي | |
يا حسرة الجولان يندب حظه | |
متعثراً في وعرة ظلماء | |
ضاعت على درب المطامع أرضه | |
يا ضيعة الفواحة الغنّاء | |
واستنزفت آبارها وعيونها | |
جّراً لري مزارع الدخلاء | |
والمثمرات بها ذوت وتحرّقت | |
عطشى تذوب لجرعة من ماء | |
هل تنعم الأرض التي أصحابها | |
يحيون فيها عيشة الغرباء؟! | |
ورياضها في كل يوم عرضة | |
لعواصف هدامة هوجاء | |
كم قاومت ضماً وظل يشوقها | |
ضمُّ لصدر الغوطة الفيحاء! | |
* * * | |
غدت الحياة عسيرة معزولة | |
عن أي آمال وأي رجاء | |
ذهب الجلاء ولم يعد فلربما | |
أضحى مثيل الغول والعنقاء | |
ذهب الجلاء ولم يعد فكأنما | |
دفنته أيدي الرمل في صحراء | |
لا، لن يعود "مجدداَ" إلا إذا | |
ردته شنة غارة شعواء | |
بفيالق هدارة وعزيمة | |
صمّاء كالجلمودة الصمّاء | |
لا، لن يعود مرقعاً ومشوهاً | |
بل سالماً متكامل الأجزاء | |
إنّ السلام تقوضت أركانه | |
بتلاعب الأوغاد والخبثاء | |
الغادرين الناكثين عهودهم | |
أبداً لملء صحائف سوداء | |
أين السلام؟ هل اختفت آثاره | |
في عالم قاص عن الأنباء؟ | |
أم روحه فاضت لغير تقمّص | |
فتحولت معه إلى أشلاء؟ | |
نستصرخ الوطن المفدى ينبري | |
ليفكنا من قبضة الأعداء | |
فالأهل فيهم نخوة وحمية | |
ومروءة الشجعان والكرماء | |
أحلى الأماني عودة محمودة | |
عود الحبيب لموعد ولقاء | |
وتهزنا شوق المشاعر حسرة: | |
(هل نحتفي يوماً بعيد جلاء)؟ |