إنترنت الأشياء بين تحسين الحياة وتهديدها

​يطلق على كافة الأجهزة المحيطة بالإنسان والمتصلة بالإنترنت مصطلح “إنترنت الأشياء”، ويمثل ذلك عددا هائلا من المنتجات “الذكية”، مثل الأقفال والمصابيح والثلاجات ومكيفات الهواء وأجهزة ضبط درجة الحرارة وكاميرات المراقبة والتلفزيونات والروبوتات المنزلية والسيارات، التي يفترض بها أن تحسن حياة الإنسان، وتسهل أموره اليومية، لكن للصورة وجها آخر.

تشير بعض التوقعات إلى أنه بحلول عام 2020 سيوجد 26 مليار جهاز متصل بالإنترنت، وبعضهم يرفع الرقم إلى خمسين مليارا، مثل شركة سيسكو الأميركية، لكن في ظل عدم إمكانية التنبؤ الدقيق بالمدى الذي ستتغلغل فيه “إنترنت الأشياء” في حياة الإنسان مستقبلا، تزداد المخاوف من إمكانية استغلالها، وانتهاك خصوصية المستخدم، والتجسس على كافة تحركاته في حال تمكن القراصنة من اختراقها.

وتتعدد سيناريوهات استغلال “إنترنت الأشياء”؛ فمثلا تسمح بيانات نظام على غرار “نيست”-وهو نظام ذكي لضبط الحرارة في المنزل تابع لشركة غوغل- بالتعرف على أوقات تواجد المستخدم في منزله، في حين تلتقط التلفزيونات الذكية بيانات عن عادات مشاهدة التلفزيون، ومن الممكن استغلال مثل هذه البيانات في مجالات شتى.

إعلان

إعلان

إعلان

ويمكن للصوص اختراق شبكات المنازل الذكية لمعرفة أوقات نوم قاطنيها لسرقتهم، أو إيقاف نظام التدفئة في أيام الشتاء القارس، مما قد يتسبب في مخاطر على حياة كبار السن، كما يمكن استغلال بيانات الموقع الخاصة بسيارة المستخدم والبيانات التابعة لأنظمة تتبع اللياقة أو الثلاجة الذكية وغير ذلك من الأشياء، لتحليلها من قبل الشركة التي يعمل بها المستخدم أو شركة التأمين المتعاقد معها.

وفي الواقع، فإن بيانات مستخدمي “إنترنت الأشياء” ليست ملكهم، وهنا تكمن إحدى النقاط المثيرة للقلق؛ فمثلا، إن رغب المستخدم في فتح قفل باب منزله لدى وصوله، يقوم هاتفه الذكي بإرسال الأمر عبر الإنترنت إلى الخدمة السحابية المسؤولة عن قفل الباب لتقوم بدورها بفتحه، وإن أي اختراق محتمل للخدمة سيؤدي إلى وقوع كوارث حقيقية.

وفي تأكيد منها لمخاطر هذا الأمر، حذرت شركة “إتش بي” الأميركية من 250 ثغرة أمنية مرتبطة بتقنيات “إنترنت الأشياء”؛ ولذلك بات من المهم وضع حلول وضوابط فعالة لحماية مستخدمي “إنترنت الأشياء” من أي اختراقات محتملة قد تؤدي إلى تسريب بياناتهم وانتهاك خصوصيتهم.

وفي هذا الإطار، يقول خبير أمن المعلومات نور الدين العلي إنه بانتشار الأجهزة المدمجة المتصلة بالإنترنت نصبح أكثر اتصالا، وبهذا الاتصال فإن هناك ابتكارات هائلة لا يستطيع الأمن مجاراة سرعتها، وتصحب ذلك بوضوح مخاطر عديدة سواء من ناحية الخصوصية أو الأمن، مثل اختراق الأقفال الذكية للمنازل أو البنية التحتية لشبكة الكهرباء، كما حصل في أوكرانيا العام الماضي.

وأضاف في مقابلة مع القناة الإنجليزية في شبكة الجزيرة أن الأمن يحاول مجاراة هذه التقنية، لكن ما تم القيام به شيء وما يجب القيام به شيء آخر، فما تم القيام به أن الباحثين والشركات يحاولون دمج الأمن عند مرحلة تصميم هذه الأجهزة، لكن ما يجب القيام به هو وضع قوانين تنظيمية حكومية أفضل لفرض مثل هذه المتطلبات الأمنية في الأجهزة المدمجة أو أجهزة إنترنت الأشياء.

وعن سبب تخلف الأمن عن مجاراة تقنيات إنترنت الأشياء مقارنة بالحواسيب والهواتف الذكية، قال العلي إنه باتت لدينا خبرة طويلة في تأمين الحواسيب والهواتف المتنقلة لأنها محدودة الأعداد والأشكال، لكن في حالة الأجهزة المدمجة فإنها تشهد تنوعا كبيرا من حيث الابتكارات أو العتاد أو البرامج؛ مما يعني صعوبة أكبر في وضع معايير المتطلبات الأمنية لهذا التنوع الهائل. 

وإلى أن تتحرك الجهات التنظيمية لفرض قوانين تضبط حركة البيانات التي تجمعها هذه التقنيات وتبذل الشركات مزيدا من الجهد لتعزيز النواحي الأمنية فيها، وبما يمنح المستخدمين سيطرة أكبر على ما تجمعه من بيانات، فإن إنترنت الأشياء التي تهدف إلى تحسين حياة الإنسان ستظل مصدر تهديد لخصوصيته وأمنه.

+ -
.