ينطلق عرس كرة القدم العالمية اليوم في البرازيل وسط مخاوف من الاحتجاجات.
تنطلق كأس العالم الأكثر جدلاً في التاريخ اليوم الخميس، حيث يأمل جميع البرازيليين بألا يتحول هذا العيد الكروي الكبير الذي يقام مرة كل أربع سنوات إلى فوضى بسبب التهديدات باللجوء إلى الإضرابات في بلد تجتاحه مشاكل اجتماعية جمّة تستمر منذ أكثر من عام.
دافعت رئيسة البرازيل ديلما روسيف مساء الثلاثاء عن التنظيم المثير للجدل لمونديال 2014 مؤكدة أن البرازيل “مستعدة على أرضية المستطيل الأخضر وخارج الملاعب”.
وفي كلمة إلى الأمة بثتها محطات التلفزة والإذاعة، رحّبت روسيف بالمشجعين من العالم بأسره وقالت لهم إن البرازيل تنتظرهم بـ”أذرع مفتوحة” مثل (تمثال) المسيح المخلص الذي يشرف على خليج ريو دي جانيرو.
قالت إن “البرازيل تخطت العقبات الرئيسية وهي مستعدة داخل وخارج الملاعب”.
وأضافت: “بنينا وطوّرنا المطارات والمرافئ والجسور والطرق وخطوط النقل السريعة وقد قمنا بذلك بالدرجة الأولى من أجل البرازيليين”.
وأضافت روسيف، التي ستخوض الانتخابات الرئاسية في تشرين الأول/أكتوبر المقبل، أن هذه الإنجازات “لن تذهب في حقائب السياح بعد المونديال. ستبقى هنا في خدمة جميع البرازيليين. تستمر الألعاب لمدة شهر (من 12 حزيران/يونيو إلى 13 تموز/يوليو) ولكن المنافع ستبقى كل الحياة”.
وقالت أيضا: “منذ العام 2010 عندما بدأنا بناء الملاعب استثمرت الحكومة الفدرالية والولايات والبلديات 1.7 مليار ريال في التربية والصحة”، وذلك في إطار دفاعها عن استثمار 11 مليار دولار من أجل التحضيرات للمونديال.
وفي كلمة إلى المشجعين الأجانب الذين قد يصل عددهم إلى حوالي 600 ألف شخص، قالت روسيف: “أصدقاؤنا في العالم بأسره، تعالوا بسلام” إن البرازيل كـ”المسيح المخلص (الذين يشرف على خليج ريو دي جانيرو) تفتح ذراعيها لاستقبالكم”.
في المقابل، قال رئيس الاتحاد الدولي السويسري جوزيف بلاتر إن الأمور ستسير جيداً: “نحن واثقون أن كأس العالم ستكون احتفالية رائعة”.
وتوالت الإضرابات في مختلف المدن البرازيلية بسبب الأموال الضخمة التي أنفقتها الحكومة لتنظيم المونديال والتي بلغت 11 مليار دولار وتحديداً منذ حزيران/يونيو عام 2013، حيث استغل الشعب البرازيلي إقامة كأس القارات للتعبير عن غضبه وعدم رضاه بعد أن وعدت الحكومة بالاعتماد على الشركات الخاصة لتمويل عملية تنظيم كأس العالم، وإذ بها تقتطع الأموال من الشعب.
شهدت مختلف المدن البرازيلية في حينها أعمال شغب كبيرة أدت إلى خسائر مادية كبيرة.
وكان عمال المترو في ساو باولو أضربوا في الأيام الأخيرة مطالبين بالحصول على حقوقهم أيضاً وتوعّدوا بمواصلة تحركهم خلال المونديال في حال لم ينالوا مطالبهم ما سيؤثر بشكل كبير على الوصول إلى ملعب أرينا كورينثيانس، الذي يطلق عليه اسم ايتاكيراو أيضاً، حيث ستجرى المباراة الافتتاحية بين البرازيل وكرواتيا بحضور 66 ألف متفرج بينهم الرئيسة ديلما روسيف وقادة 11 دولة.
يطالب المضربون بزيادة رواتبهم بنسبة 12.2 % ورفضوا العرض الذي قدمته حكومة ساو باولو لهم بمنحهم زيادة نسبتها 9.5 %.
بسبب هذا الإضراب شهدت ساو باولو، التي يبلغ عدد سكانها نحو عشرين مليون نسمة، الخميس والجمعة الماضيين حالة من الفوضى مع اختناقات حادة في حركة السير أدت إلى صفوف من السيارات على امتداد 250 كيلومتراً.
وعلى الرغم من أن الخطر يبقى قائماً فإنه بدأ يتراجع، حيث ساهمت تدخلات الشرطة العنيفة في بعض الأحيان إلى عدم حماسة لدى الشعب البرازيلي في النزول إلى الشوارع، كما أن الانشقاق بدأ يظهر بين مختلف الجهات والنقابات المعارضة، فقد أعلنت نقابة “العمال الذين لا مأوى لهم” بأنها لن تلتزم بأي نوع من الإضرابات خلال كأس العالم وذلك بعد أن تفاوضت مع مسؤولين في الحكومة من أجل بناء منازل للعمال وقال أحد المتحدثين باسم النقابة لوكالة فرانس برس: “التحرك الذي قمنا به ليس موجّها ضد كأس العالم وليس لدينا أدنى رغبة في الإزعاج”.
كما سيجتمع عمال مترو ساو باولو بعد ظهر اليوم لكي يقرروا ما إذا كانوا سيضربون مجدّدا وهم يطالبون الحكومة بإعادة 42 عاملاً طردوا من وظيفتهم خلال هذا التحرك.
تستضيف البرازيل وعلى مدى 31 يوما النسخة العشرين من كأس العالم بمشاركة 32 منتخباً ستتنافس على إحراز الكأس المرموقة التي تزن 4.970 كلغ ويبلغ طولها 36 سنتم وهي من الذهب الخالص.
كما شهدت أعمال بناء الملاعب في مختلف المدن البرازيلية تأخيراً كبيراً حتى أن البعض منها لن يكون جاهزاً تماما لدى انطلاق العرس الكروي ما استدعى تحذيراً من الاتحاد الدولي، حيث دقّ الأمين العام جيروم فالكه ناقوس الخطر في أذار/مارس عام 2012 ووجه كلاماً قاسياً للجنة المنظمة قبل أن يضطر رئيس الفيفا جوزيف بلاتر إلى الاعتذار علناً من البرازيل.
وكان مقرراً تسليم الملاعب إلى الفيفا في أواخر العام الماضي، لكن معظمها لم يكن جاهزاً حتى أواخر أيار/مايو ولم يقم الفيفا واللجنة المنظمة بالتجارب المعتادة للتأكد من أن جميع المرافق تعمل جيداً.
وستكون منتخبات إسبانيا، حاملة اللقب بطلة أوروبان والبرازيل، حاملة الرقم القياسي في عدد الألقاب، والأرجنتين وألمانيا مرشحة بقوة لإحراز اللقب، وبدرجة أقل فرنسا وإيطاليا وإنكلترا وهولندا والبرتغال.
ويسبق المباراة الأولى اليوم الخميس مراسم احتفالية تستمر 25 دقيقة مخصصة “لتوجيه تحية إلى ثروات البرازيل الثلاث: الطبيعة، الشعب وكرة القدم”.