لم يتمكن «الجنرال ثلج» الذي غطى مناطق واسعة من سورية في إطار العاصفة التي يشهدها حوض المتوسط الشرقي، في تخفيف حدة المعارك التي تشهدها الجبهات السورية المختلفة. وبرز أمس تطوران بارزان، إذ سُجّل تقدم لـ «قوات سورية الديموقراطية» التي يهيمن عليها الأكراد والمدعومة من الأميركيين على حساب «جبهة النصرة» وتنظيمات أخرى في ريف حلب الشمالي، وسط مزاعم عن نيتها السيطرة على مدينة أعزاز الاستراتيجية وربط مناطق الأكراد في عفرين بمناطق سيطرتهم شرق نهر الفرات، وهو أمر كانت تركيا حذّرت سابقاً من أنها تعتبره «خطاً أحمر». كما سُجّل تقدّم آخر للقوات الحكومية على حساب تنظيم «داعش» شمال مطار كويرس، ما يهدد بقطع خط إمداد رئيسي لـ «داعش» بين ريف حلب الشرقي ومعقل التنظيم في الرقة المجاورة.
في غضون ذلك، كشفت هيئة حقوقية تفاصيل «صفقة» سمحت الشهر الماضي بإجلاء عناصر وقياديين من «جبهة النصرة» من درعا إلى إدلب، في سيارات تحمل رايات «حزب الله» اللبناني، فيما أعلن «جيش الإسلام»، الناشط خصوصاً في الغوطة الشرقية لدمشق، أنه أحبط مؤامرة لتنظيم «داعش» لقتل قادته من خلال تفجير مقر قيادتهم في مدينة الضمير في القلمون الشرقي، وذلك بعد أيام فقط من مقتل زهران علوش قائد هذا الجيش بغارة جوية استهدفت مقره شرق دمشق.
وذكرت «شبكة شام» الإخبارية المعارضة أمس أن «جيش الثوار» التابع لـ «قوات سورية الديموقراطية» انتزع بلدة تنب في ريف حلب الشمالي من أيدي فصائل معارضة، بعد أيام فقط من سيطرته على بلدة المالكية في منطقة عفرين. ونقلت الشبكة عن ناشطين قولهم إن «جيش الثوار» التابع لـ «الجيش الحر» والمدعوم من الأكراد «يستهدف الوصول إلى إعزاز ذات الموقع المهم في محاولة للسيطرة على ريف حلب الشمالي، والتقدم شرقاً ليصل مقاطعتي عفرين بعين العرب (كوباني) ويُتم سيطرة القوات الكردية على كامل المنطقة الشمالية».
ونقلت وكالة «رويترز» عن ناطق باسم تحالف «قوات سورية الديموقراطية» والمرصد السوري لحقوق الإنسان إن التحالف حقق تقدماً في مواجهة مسلحين إسلاميين في شمال حلب. وقال العقيد طلال سلو الناطق باسم «قوات سورية الديموقراطية» لـ «رويترز» إنهم سيطروا على قرية تنب قرب أعزاز بعد اشتباكات عنيفة مع «جبهة النصرة» و «حركة أحرار الشام». وأضاف: «تم تحرير تنب».
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «قوات سورية الديموقراطية» سيطرت أيضاً على قرية طاط مراش، لكن سلو قال إنه لا يمكنه تأكيد هذا الخبر.
ويخوض تحالف «قوات سورية الديموقراطية» قتالاً منفصلاً منذ أسابيع ضد «جبهة النصرة» و «أحرار الشام» وفصائل مسلحة أخرى في محافظة حلب. ويضم تحالف «قوات سورية الديموقراطية» فصائل عدة بينها «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تمثّل أكثر الشركاء فعالية على الأرض للغارات التي تقودها الولايات المتحدة. ويرجّح أن تزيد مكاسب الأكراد حول أعزاز المتاخمة للحدود التركية من قلق أنقرة من النفوذ الكردي قرب الحدود. وتقاتل أنقرة حملة مسلحة لحزب العمال الكردستاني في مناطق بجنوب شرقي تركيا.
وتغيّرت الاستراتيجية الأميركية في سورية في 2015 من محاولة تدريب آلاف «المعتدلين» خارج البلاد إلى تقديم الدعم لجماعات تقودها شخصيات تثق بهم واشنطن. ويقدّر الجيش الأميركي أن «قوات سورية الديموقراطية» سيطرت على نحو ألف كيلومتر مربع من الأراضي خلال الأسابيع الستة الماضية أو نحوها مدعومة بغارات من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
وفي تطور منفصل، تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن اشتباكات تدور بين القوات الحكومية والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وعربية وآسيوية من طرف، وتنظيم «داعش» من طرف آخر قرب منطقة النجارة في ريف حلب الشرقي وسط تقدم للقوات الحكومية ومعلومات عن سيطرتها على مناطق جديدة كان يسيطر عليها التنظيم. وأكد الإعلام الرسمي أن الجيش السوري سيطر بالفعل على قرية النجارة التي تقع شمال مطار كويرس «بعد اشتباكات مع تنظيم داعش»، في حين أوردت مواقع سورية معارضة أن التنظيم انسحب من القرية ولم يقاتل. وبسيطرته على النجارة يكون الجيش الحكومي يتقدم ببطء في محيط مطار كويرس الذي تمكن قبل أسابيع من فك الحصار على حاميته والذي استمر قرابة سنتين. وسيطرت في الأيام الأخيرة على عدد من القرى المحيطة بكويرس وهي تسعى إلى التقدم شمالاً في اتجاه معقل «داعش» في الباب وشرقاً في اتجاه دير حافر، ما يعني قطع طريق الإمداد لتنظيم «داعش» من محافظة الرقة إلى ريف حلب الشرقي.