لم تنجح القوات العراقية في اقتحام تكريت في حملتها الثانية خلال شهر، فتراجعت بعدما جوبهت بمقاومة عنيفة، وبسبب تلغيم الطرق والمباني. وواصلت قوات «البيشمركة» الكردية هجومها على «داعش»، بدعم من الطائرات الأميركية للسيطرة على سد الموصل، وأعلن في واشنطن أن الرئيس باراك أوباما سيرأس مجلس الأمن الشهر المقبل وسيتركز النقاش على المسلحين الإسلاميين في سورية والعراق، بعدما أصبح «الذئب عند الباب»، على ما قال في مؤتمره الصحافي أول من أمس. (للمزيد)
ويهدف الهجوم على تكريت إلى تحريرها من عناصر «الدولة الإسلامية»، وتأمين الطريق إلى طوزخرماتو من جهة، وطريق سامراء من جهة أخرى. ويبدو أن مقاتلي «داعش» كانوا مستعدين ولديهم معلومات عن الطريقة التي سيتم بها الهجوم.
وكانت الوحدات العسكرية تقدمت من غرب تكريت، وتحديداً من بلدة الديوم، فيما تم الهجوم الذي نفذ قبل شهر من جنوب المدينة. وأكد قائد العمليات في صلاح الدين الفريق علي الفريجي، أن قواته «تمكنت من تحرير أحياء الزهور وشارعي الأطباء والأربعين، وسط قضاء تكريت»، مؤكداً «قتل عدد كبير من عناصر داعش».
وأضاف أن «عملية التحرير تمت بالتنسيق بين وزارتي الداخلية والدفاع وفصائل الحشد الشعبي ومساندة الطيران». وأشار إلى «قتل 23 عنصراً من التنظيم، وتدمير تسع عربات رباعية الدفع بقصف جوي، لإفشال مخطط اقتحام مدينة الضلوعية».
إلى ذلك، أعلن الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة الفريق قاسم عطا، أن الجيش «يمسك الآن بالأرض حول تكريت وهو في حال كر وفر مع مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية، لأن القتال هناك حرب عصابات».
لكن تلك الأنباء سرعان ما تضاربت، مع تأكيد ضباط وشهود مواجهة القوة المهاجمة وانسحابها باتجاه المدخل الغربي. وقال ضباط في غرفة العمليات لـ «رويترز»، إن «القوات أوقفت تقدمها لاستعادة تكريت بعدما واجهت مقاومة شرسة من مقاتلي الدولة الإسلامية».
وأوضح أن «الجيش تعرض لنيران كثيفة بالمدافع الرشاشة وقذائف الهاون جنوب تكريت، في حين أن الألغام المزروعة على الطريق في الغرب ونيران القناصة قوضت جهوده للاقتراب من المدينة».
ويقول مختصون وخبراء أمنيون إن مقاتلي «داعش» لا يخوضون معارك طويلة مع أي قوة عسكرية، وإنهم ينسحبون الى داخل المدن لإشغال وإنهاك القوات المهاجمة.
وكانت قوات حكومية نجحت في دخول بلدة العظيم التي ترتبط مع تكريت بلسلسة بلدات تقود إلى صحراء الجلام.
ويؤكد المختصون أن هدف التحركات العسكرية هو الوصول إلى بلدات جنوب كركوك، خصوصاً بلدة آمرلي التي يحاصرها مقاتلو «داعش» منذ أسابيع، ويقطنها سكان من التركمان الشيعة. ويضيفون أن الأرض ليست الهم الأول لدى «داعش» إلا بقدر وضعها الاستراتيجي، فالتنظيم قد ينسحب من منطقة ما إذا وجد أن الهجوم عليه أكبر من قدراته لكنه يعود مرة أخرى إلى مهاجمة المنطقة نفسها، معتمداً أسلوب الكر والفر.
ولتكريت أهمية استراتيجية بالنسبة إلى التنظيم، فالسيطرة عليها وضعت سامراء، التي تضم مرقد العسكريين في مرمى النار، ما يضمن تجميد قوات عسكرية وإمكانات تسليحية للدفاع عن المرقد.
وعلى المستوى الاقتصادي، تقع تكريت في نهاية سلسلة من الحقول النفطية غير المستخدمة التي تمتد من شرق بغداد وصولاً الى جنوب المدينة.
من جهة أخرى، قال ضابط في قوات «البيشمركة» إن «العملية العسكرية مستمرة لاستعادة السيطرة على المناطق المحيطة بسد الموصل، بمساندة الطائرات الحربية الأميركية التي تواصل قصف تجمعات داعش شمال السد».
وجدد الرئيس أوباما دعمه الحكومة العراقية المقبلة، مطالباً السياسيين بأن «تكون جامعة (…) لأن الذئب عند الباب».
وأكد أن الغارات التي تشنها الطائرات الأميركية على مواقع التنظيم المتطرف قرب سد الموصل سمحت «للقوات العراقية والكردية بتحقيق خطوة كبيرة إلى الأمام».