مَن لم يشكُ يوماً، ولو مرة واحدة، من آلام مفصل الرسغ (معصم اليد)، فهو مفصل معقد يتألف من صفين من العظام التي تفصل بين الساعد واليد، إضافة إلى مجموعة من الأربطة والأوتار التي تشبكها مع الجوار، من هنا أي أذى يلحق بالرسغ يمكن أن يخلّف آلاماً مبرّحة.
وآلام الرسغ شكوى شائعة تنتج غالباً من الإصابات المباغتة، كالرضوض والالتواءات والكسور، خصوصاً عند السقوط الى الأمام واليدان ممدودتان. لكنّ هناك أسباباً أخرى لهذه الآلام أهمها:
– الإجهاد المتكرر للمفصل، فالاستعمال المتواصل لمفصل الرسغ، من دون استراحة، يجعله في حال يرثى لها، لأن أي نشاط ينطوي على تكرار حركة المعصم قد يؤدي الى نوع من الحالة الالتهابية في الأنسجة المحيطة بالمفصل، أو حتى إلى كسور انضغاطية تسبب آلاماً شديدة أحياناً.
وتحدث آلام الرسغ لدى أي شخص، سواء كان نشيطاً أم قليل الحركة، إلا أن هناك عوامل تساهم في زيادة احتمال الإصابة بها، مثل ممارسة بعض أنواع الرياضة، كالغولف والبيسبول وكرة المضرب وكرة السلة وكرة القدم والجمباز والهوكي والتزلج على الجليد والبولينغ، كما أن التقدم في السن هو من العوامل المشجعة بسبب مرض الهشاشة العظمية وكثرة حوادث السقوط والإصابة بالتهابات المفاصل.
– متلازمة النفق الرسغي، وهي تحصل نتيجة انضغاط العصب المتوسط الذي يمر عبر نفق خاص في معصم اليد. وتثير المتلازمة آلاماً في المفصل يمكن أن تنتشر الى الأصابع أو الى أعلى الذراع، يرافقها شعور بالخدر في الأصابع، وتزداد هذه الآلام في الليل أو عند انحناء المفصل الى الأمام. وإذا تم الضغط على المفصل من الجهة الأمامية، فإنه يمكن الشعور بوخز مفاجئ يشبه نوعاً من المس الكهربائي الذي نحس به أحياناً في الكوع.
– مرض كينبوك، وهو تنخر لاوعائي يصيب العظم الهلالي للرسغ الأكثر استعمالاً، ولا يُعرف حتى الآن سبب هذا المرض إلا أن بعض العوامل قد تساهم في حدوثه، مثل طبيعة التروية الدموية للعظم الهلالي، والتركيب التشريحي لعظمة الزند.
– كيسات الرسغ العقدية، وهي عبارة عن أكياس مملوءة بالسائل الزلالي يشبه السائل الذي يوجد في المفاصل، وقد يلعب إجهاد منطقة الرسغ دوراً في نشوء الكيسات العقدية.
– مرض دوكيرفان، وهو التهاب بطانة الغمد الذي يحيط بالوتر الذي يربط العضلات بعظمة إبهام اليد.
– هشاشة العظام، ويصيب هذا المرض العظام، ومن بينها عظام منطقة المعصم، فيجعلها هشة ضعيفة قابلة للكسر بسهولة مسببة ألماً.
– داء المفاصل الرثياني، وهو مرض روماتيزمي مزمن ناجم عن خلل في الجهاز المناعي، يصيب غضاريف المفاصل ويمكن أن يؤثر في الأعضاء الداخلية في الجسم، مثل الرئة، والقلب والعينين. وأكثر ما يؤثر المرض في مفاصل المعصم والقدم والركبة.
إن تشخيص السبب الفعلي لهذه الآلام مهم للغاية، لأن العلاج المناسب يعتمد بدرجة كبيرة على نوع السبب المؤدي اليها، وأي تأخير على صعيد التشخيص قد يؤدي الى تأخير الشفاء وربما إلى تقييد حركة المفصل.
وقد يتطلب التشخيص الدقيق لأسباب آلام الرسغ تصوير المعصم بالأشعة السينية البسيطة أو اللجوء الى التصوير الطبقي المحوري الذي يقدم تفاصيل أدق عن حال العظام في المفصل، أو الاستعانة باختبار أدق يتمثل في التصوير بالرنين المغناطيسي الذي يعطي وصفاً مفصلاً عن حال العظام والأنسجة اللينة المحيطة بالمفصل. وقد يستعين الطبيب بالمنظار، في حال لم تعط الفحوص السابقة أجوبة حاسمة لتشخيص آلام الرسغ، لأنه يعطي صورة حية عن تضاريس المفصل.
كيف يتم تدبير آلام الرسغ؟ قد لا تحتاج آلام الرسغ البسيطة سوى الى تطبيق كمادة ثلجية موضعية أو لف الرسغ برباط ضاغط وإراحة المفصل لبعض الوقت، وقد تنفع المسكنات البسيطة في التخفيف من حدة الآلام، إلا أن آلام الرسغ المترافقة مع التورم أو الناتجة من الكسور أو من تمزق الأربطة والأوتار أو التي لا تركن خلال بضعة أيام، تتطلب الاستشارة الطبية الفورية، إما لعمل حقنة الكورتيزون أو لإجراء جراحة لتجبير الكسر أو لإصلاح الأوتار والأربطة المتمزقة أو لتحرير العصب المتوسط من عبء الضغط الواقع عليه من الأنسجة المحيطة به.
هل يمكن الحماية من آلام الرسغ؟
يمكن للنصائح الآتية أن تساهم في الوقاية:
1- بناء عظام قوية لإبعاد مرض الهشاشة العظمية الذي يساعد على حدوث الكسور. ويتم البناء الجيد من خلال التزود بكميات كافية من الكلس والفيتامين دي، وممارسة النشاط الرياضي المتواصل.
2- الوقاية من حوادث السقوط، خصوصاً في الحمام وعلى السلالم وخلال ممارسة الألعاب الرياضية المختلفة.
3- العمل على لوحة مفاتيح الكومبيوتر بأوضاع مناسبة تؤمن راحة المعصم، خصوصاً عند الكتابة، وأخذ فترات راحة من وقت إلى آخر لتفادي الإجهاد، وحبذا لو تم استعمال وسادة لدعم المعصم.
doctor.anwar@hotmail.com