هل تجد مشقّة في التركيز أثناء القيام بعمل ما في فترة محددة؟
هل أنت شارد الذهن باستمرار؟
هل تغضب من أمر ما أو من شخص لأتفه الأسباب؟
هل تصاب سريعاً بالتعب والإجهاد؟
هل يلازمك الصداع باستمرار؟
هل تجد صعوبات على صعيد النوم والاسترخاء؟
إذا أجبت بنعم، فليس مستبعداً أن تكون إحدى ضحايا الضغط النفسي، من هنا عليك أن تبدأ سريعاً باتخاذ التدابير المناسبة كي تتغداه قبل أن يتعشاك.
من الثابت أن هناك روابط بين شدة الضغط النفسي والإصابة بأمراض عدة، وذلك من خلال خلق بيئة يكون فيها الشخص أكثر عرضة لتلك الأمراض، ومن بينها السرطان.
هل يسبب الضغط النفسي السرطان؟
إن اتهام الضغط النفسي بإثارة السرطان ليس بالأمر الجديد، فقد سبق للطبيب الأغريقي غاليان في القرن الثاني الميلادي، أن لاحظ أن النساء المصابات بالاكتئاب كن أكثر عرضة لزيارة مرض السرطان مقارنة بغيرهن. وفي أيامنا هذه، فإن المعطيات الصادرة عن الأطباء تفيد بأن هناك عدداً كبيراً من المصابين بالسرطان كانوا يعانون من مشاكل عاطفية وضغوط نفسية شديدة وظروف حياتية قاسية قبل إصابتهم بالأورام السرطانية.
في كل الأحوال، في عالم الحيوان تمكن الباحثون من إثبات العلاقة بين الضغط النفسي والسرطان، ففي دراسة أنجزت في كلية طب جامعة يال الأميركية، زرع الباحثون خلايا سرطانية في عدد من الجرذان التي توزعت في ثلاث مجموعات: المجموعة الأولى، تعرضت لصدمة كهربائية لا تستطيع الإفلات منها، في حين أن الثانية تعرضت لصدمة يمكنها الإفلات منها، أما الثالثة فلم تتعرض لأية صدمة. جاءت النتائج لتبيّن أن الجرذان التي لم تستطع الإفلات من الصدمة الكهربائية، تطوّر لديها السرطان بسرعة مقارنة مع المجموعتين الأخريين.
أما في خصوص الإنسان، فلم يتم إخضاعه لتجارب مماثلة للجرذان، غير أن هناك دراسات علمية تمخّضت عن دلائل أولية عن علاقة بين الضغط النفسي الكثيف وزيادة خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان، مثل سرطان البانكرياس عند الرجال، وسرطان الثدي عند المرأة. ووفق علماء من جامعة يال الأميركية، فإن الضغط النفسي الناتج من صدمات عاطفية أو جسدية، قد يكون ممراً للطفرات الخبيثة التي تؤدي في نهاية المطاف إلى الإصابة بأورام سرطانية.
وعلى الصعيد ذاته، ذكرت دراسة قادتها الدكتورة كارولين فانغ من مركز فوكس للسرطان في ولاية فيلادلفيا الأميركية، أن الضغط النفسي يمكن أن يضعف من قدرة المرأة على مقاومة فيروس الورم الحليمي البشري، ما يزيد من احتمال إصابتها بسرطان عنق الرحم.
وتحصل العدوى بفيروس الورم الحليمي البشري خلال عملية الوصال الجنسي، وفي معظم الحالات يختفي الفيروس في شكل طبيعي من دون أن يترك مشاكل صحية، أما إذا ظل الفيروس معشعشاً في خلايا الغشاء المخاطي المبطن لعنق الرحم، فإنه يحدث تغييرات تبقى صامتة لتنتهي بعد سنوات طويلة بالسرطان. أما في حال كانت المصابة تعاني من ضعف في كفاءة الجهاز المناعي، فإن السرطان يحدث بوتيرة أسرع عقب العدوى بالفيروس المذكور.
لكن مركز البحوث حول السرطان التابع للجمعية الدنماركية، أعلن في دراسة نشرت نتائجها العام الماضي، بأنه لا توجد علاقة بين الضغط النفسي والسرطان، وتوصل الباحثون إلى هذه النتيجة من تحليل بيانات ١٣٠٠ سجين دنماركي نجوا من معسكرات ألمانية إبان الحرب العالمية الثانية.
وقد سجلت الدراسة انتشاراً كبيراً للسرطان بين السجناء القدامى، وعزا العلماء السبب ليس إلى الضغط النفسي، وإنما إلى عامل التدخين الذي أثبتت التحريات العلمية أنه الشرارة الرئيسية للإصابة بالمرض الخبيث.
لا شك في أن العلاقة بين الضغط النفسي والسرطان ما زالت غامضة أو غير واضحة، إلا أن الشيء الثابت هو أن المصابين بالسرطان يمكن لهم أن يسيروا على درب الشفاء في حال التخفيف من حدة الضغط النفسي الذي يشكون منه.
كيف السبيل إلى محاربة الضغط النفسي؟
قبل كل شيء لا بد أن تعرف إن كنت واقعاً تحت مقصلة الضغط النفسي، فهذا الأخير يعمل بصمت من دون أن تدري بوجوده، ومتى تم اكتشافه يتوجب عليك أن تحاربه بلا هوادة، من خلال نمط حياة وتفكير يساعدان في التغلب على الضغط النفسي، وحبذا لو تم العمل على تطبيق الخطوات الآتية فهي مفيدة على هذا الصعيد:
– أعط نفسك حقها من الراحة من لالتقاط الأنفاس، لأن الانغماس المستمر في لجة العمل يعتبر بوابة العبور الى الضغط النفسي.
– ضع نصب عينيك الأمور المهمة، واعمل على إنجازها في شكل صحيح وفق الخطة المرسومة، ولا تشغل بالك بالأمور الثانوية التي لا تستحق الوقوف عندها.
– تسلّح بالقناعات والمعتقدات والأفكار الإيجابية التي تمنع الضغط النفسي من الاستيطان، في المقابل عليك أن تبتعد كل البعد عن القناعات والأفكار والمعتقدات السلبية لأنها توفر البيئة الحاضنة للضغط النفسي.
– حاول أن تدخل تمارين الاستـرخاء على نمط حياتك، فهو، بأشكالـــه المتنوعة، يبعث على الهدوء والسكينة والطمأنينة، ويعزز قدراتك على مواجهة صعوبات الحياة.
– مارس الرياضة فهي بلسم للجسد والعقل والنفس، فضلاً عن أنها تجلب السكينة، وتعزز الشعور بالأمان، وتقوي جهاز المناعة، وتحمي من الأمراض.
– لا تكثر من شرب المنبهات، خصوصاً القهوة، لأنها قد تدخلك في دوامة الضغط النفسي.
– لا تترك للتناقضات الحياتية اليوميــة مجــالاً لتكون مصدراً للضغط النفسي، ولا تجعل من «الحبة قبة».
– لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد، لأن التأجيل يعطي الفرصة لتسلّل الضغط النفسي.
أخيراً، لا تدع الضغط النفسي يلازمك في حلّك وترحالك، فقد بينت البحوث الطبية أنه يمكن أن يتسبب في ذبول خلايا الدماغ، خصوصاً تلك التي تتولى وظيفة الذاكرة، وعندها يضيّع الشخص ذاكرته يتيه في دهاليز النسيان، وصدق من قال إن آفة العلم هي النسيان.