حظى زيارة وزير الدفاع المصري المشير عبدالفتاح السيسي لموسكو التي بدأها أمس باهتمام كبير يعكسه استقباله في الكرملين اليوم، وسط توقعات بعقد اتفاقات متنوعة أبرزها في المجال العسكري، فيما اعتبرت القاهرة الزيارة «تنويعاً للبدائل»، وإن شددت على أنها «لا تعد استبدالاً للأطراف الأخرى»، في إشارة إلى الولايات المتحدة.
ويمنح استقبال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزير الدفاع المصري الذي يرافقه وزير الخارجية نبيل فهمي اليوم، الزيارة أهمية إضافية، إذ كان مقرراً أن تقتصر على محادثات للوزيرين المصريين مع نظيريهما الروسيين سيرغي لافروف وسيرغي شايغو في إطار صيغة «2+2». لكن بوتين قرر استقبالهما في الكرملين حيث ينتظر أن يناقش الجانبان «تطورات الوضع في مصر والعلاقات الثنائية والأوضاع الاقليمية، خصوصاً في سورية»، بحسب مصادر مطلعة.
وينتظر أن يجري الوزراء الأربعة اجتماعات ثنائية ورباعية صباح اليوم يعقدون بعدها مباشرة مؤتمراً صحافياً، قبل أن ينتقل الضيفان إلى الكرملين. ورجحت مصادر مصرية توقيع عدد من الاتفاقات خلال الزيارة، خصوصاً على صعيد التعاون العسكري. وأضافت أن السيسي «سيقدم خطة متكاملة لقيام روسيا بتحديث سلاح الجيش المصري وتوفير قطع الغيار اللازمة له».
وأوضحت لـ «الحياة» في القاهرة مصادر مطلعة على ترتيبات الزيارة أن محادثات وزيري الدفاع «سيتصدرها وضع اللمسات الأخيرة على صفقة لتصدير السلاح الروسي تضم مروحيات قتالية وأنظمة دفاع صاروخي، إضافة إلى اتفاقات شراكة وتدريب».
وكان الوزراء الأربعة عقدوا أول لقاء بصيغة «2+2» في القاهرة في 14 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وحدد الطرفان ملامح خطة طريق لتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي والعسكري. وكان لافتا أن الخارجية الروسية لم تعلن الزيارة واللقاءات إلا قبل وصول الوفد المصري ببضع ساعات.
وظهر السيسي للمرة الأولى أمس بزي مدني في مناسبة رسمية خلال توجهه إلى موسكو برفقة فهمي، قبل أيام من خلع بدلته العسكرية وإعلان ترشحه للرئاسة في الانتخابات المقررة الشهر المقبل. وغادر الوزيران من مطار ألماظة العسكري. وظهر السيسي في شريط مصور وزعه الجيش مرتدياً زياً مدنياً بين مودعيه من كبار جنرالات الجيش، قبل أن يستقل طائرة رسمية.
ورأت مصادر ديبلوماسية تحدثت إلى «الحياة» في موسكو أن «الجانب المهم في الزيارة هو اللقاء مع بوتين خصوصا في هذا التوقيت». وأشارت إلى أن «الزيارة كانت مقررة في النصف الأول من الشهر الماضي، لكن تم تأجيل موعدها وادخال تعديلات على جدول اعمالها».
وقال ديبلوماسي عربي في موسكو لـ «الحياة» إن «روسيا تبدو مرتاحة لنيات ترشح السيسي باعتباره سيكون قادراً على بناء سلطة قوية ومستقرة وقادرة على ضبط الأوضاع في مصر وكبح جماح التيار الإسلام السياسي، وهذا التطور سيؤمي بآثاره على بلدان أخرى في المنطقة».
اللافت أن وسائل إعلام روسية سارعت إلى عقد مقارنات بين زيارة السيسي والزيارة التي قام الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر بعد اتساع هوة الخلاف مع الغرب. واعتبرت ان الزيارة الحالية «ستمنح المشير السيسي أقوى رسالة دعم من روسيا».
وتأتي الزيارة في ظل فتور أصاب العلاقات بين مصر والولايات المتحدة عقب إطاحة حكم «الإخوان المسلمين». وكانت واشنطن أعلنت مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الماضي تجميد غالبية المساعدات العسكرية للقاهرة. غير أن الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية بدر عبدالعاطي أوضح أن زيارة السيسي وفهمي لموسكو «ستكون استئنافاً للتعاون وترسيخاً لمبدأ تنويع البدائل والانفتاح على الجميع، لكنها لا تعد استبدالاً للأطراف الأخرى»، مشيراً إلى أنه «سيتم البناء على الرصيد التاريخي للعلاقات بين البلدين لتحقيق المصالح المشتركة».