أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس، بسحب القوات الروسية المنتشرة على الحدود مع أوكرانيا وإعادتها إلى قواعدها. واعتبر معارضون في موسكو القرار اعترافاً بفشل سياسة الكرملين في الدولة المجاورة، لكن مراقبين رأوا فيه بادرة حسن نية قبل لقاء بوتين نظيره الأوكراني بيترو بوروشينكو في ميلانو الجمعة المقبل.
وكان الحلف الأطلسي والولايات المتحدة أعلنا الربيع الماضي، أن روسيا نشرت حوالى 40 ألف جندي قرب حدود أوكرانيا، علماً أن بوتين سبق وأمر بإعادة القوات الروسية إلى قواعدها في أيار (مايو) الماضي. وفي تموز (يوليو) أكد «الأطلسي» تمركز حوالى 20 ألف جندي روسي قرب الحدود.
ويتهم الحلف والغرب موسكو باستخدام تلك الوحدات لدعم الانفصاليين الموالين لها في شرق أوكرانيا بمقاتلين، وتزويدهم أسلحة وخبرات قتالية. لكن الكرملين اعلن أن وزير الدفاع سيرغي شويغو أبلغ بوتين أن 17600 جندي روسي «استكملوا تدريباتهم الصيفية في حقول الرماية في منطقة الجنوب العسكرية» في روستوف المحاذية لشرق أوكرانيا. وذكر ناطق باسم الكرملين أن بوتين أمر شويغو بـ «بدء إعادة القوات إلى قواعدها الدائمة»، فيما نقلت وكالة «ريا نوفوستي» عن وزارة الدفاع تأكيدها بدء الجنود انسحابهم.
واعتبر معارضون قرار بوتين اعترافاً بفشل سياسته في أوكرانيا، إذ تحدث بوريس نيمتسوف، نائب رئيس الوزراء السابق، عن «نهاية مشروع روسيا جديدة»، وهو تعبير استخدمه الرئيس الروسي بعد ضمّ شبه جزيرة القرم في آذار (مارس) الماضي، للإشارة إلى المناطق الناطقة بالروسية في أوكرانيا. ورأى المحلل الأوكراني تاراس بيريزوفتس أن الانسحاب الروسي يثبت أن «بوتين خسر». لكن أليكسي ماكاركين من «مركز بحوث التقنيات السياسية» اعتبر أن الأمر قد يشكّل حلاً وسطاً بين موسكو وكييف، مرجّحاً أن تنال روسيا في المقابل «رفعاً جزئياً للعقوبات الغربية» المفروضة عليها.
ورأى محللون أن قرار بوتين قد يكون «إشارة إيجابية» قبل لقائه بوروشينكو في ميلانو. وكان الكرملين أكد أن الرئيسين سيلتقيان على هامش قمة لزعماء آسيا وأوروبا. وأعرب بوروشينكو عن «تفاؤله» بالاجتماع، مستدركاً أنه لا يتوقّع «مفاوضات سهلة». وحض موسكو على أن تقرن تصريحاتها بـ «تدابير عملية».
ميدانياً، أعلن الانفصاليون في دونيتسك مقتل 16 شخصاً، هم 12 مدنياً و4 مسلحين، بقصف استهدف مناطق في المدينة. واتهم «رئيس وزراء جمهورية دونيتسك» الانفصالية ألكسندر زاخارتشينكو، كييف بانتهاك «فترة السكون» التي بدأت السبت وكان يُفترض أن تستمر 5 أيام يبدأ بعدها الطرفان بسحب الآليات والمعدات العسكرية الثقيلة من المناطق السكنية.
إلى ذلك، أكد وزير المال الأسترالي جو هوكي مشاركة بوتين في قمة مجموعة العشرين في بريزبان في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وأشار إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما والمستشارة الألمانية أنغيلا مركل وقادة آخرين «يصرّون» على مشاركة الرئيس الروسي في القمة، مرجحاً أن تشهد «حواراً شاملاً وصريحاً» بين الجانبين.